إن نمروذ (١) بن كنعان لما أراد أن يصعد إلى السماء ، كتب في البلدان يدعوهم إلى محاربة رب العالمين ، فأجابوه كلهم إلّا أهل أصبهان ، فحمل منهم ثلاثين رجلا مقيدين ، فلما أن نظروا في وجه إبراهيم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ آمنوا به ، فقال إبراهيم :
اللهم اجعل أبدا بأصبهان ثلاثين رجلا تستجيب دعاءهم ، فلا يزال أبدا بأصبهان ثلاثون (٢) رجلا يستجاب دعاؤهم (٣).
وحدثنا إسحاق بن أحمد الفارسي ، ثني أبو صالح محمد بن إسماعيل ، قال : ثنا محمد بن أيوب الضراب الأصبهاني ، قال : ثنا نعيم بن حماد ، عن رجل ذكره ، عن خصيب بن جحدر ، عن وهب بن منبه (٤) ، قال :
لما تأبى (٥) نمروذ ، وجحد قدرة الرب عزوجل ، بعث إلى أهل النواحي
__________________
(١) هو الملك الجبار الذي حاجّ إبراهيم الخليل ـ عليهالسلام ـ في ربه ، وهو الذي ألقاه في النار.
وقيل : إنه هو أول من ملك من الملوك الذين ملكوا الدنيا شرقا وغربا ، والله أعلم.
انظر : «الكامل» ١ / ٦٥ و ٦٦ لابن الأثير. و «أخبار أصبهان» ١ / ٤٠.
(٢) في الأصل (ثلاثين) ، والصواب ما أثبتّه من أ ـ ه ، «وأخبار أصبهان» ١ / ٤٠.
(٣) كذا ذكره أبو نعيم في المصدر السابق من طريقه مثله ، وقد تقدم في بداية السند الكلام عليه.
(٤) تراجم الرواة :
إسحاق بن أحمد الفارسي : لم أقف عليه. وأبو صالح محمد بن إسماعيل : لم أهتد إليه.
ومحمد بن أيوب الضراب : ترجم له أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ٢ / ١٩٨ ، وقال : روى عن نعيم بن حماد ... وسكت عنه.
ونعيم بن حماد بن معاوية الخزاعي أبو عبد الله المروزي ، نزيل مصر ، صدوق ، يخطىء كثيرا. مات سنة ثمان وعشرين ومائتين. انظر «التهذيب» ١٠ / ٤٥٨ ، و «التقريب» ص ٣٥٩.
وخصيب بن جحدر : كذّبه شعبة والقطان وابن معين والبخاري. انظر «الميزان» ١ / ٦٥٣.
ووهب بن منبه : هو أبو عبد الله أخو همام بن منبه الأبنادي ـ بفتح الهمزة وسكون الموحدة بعدها نون ـ التابعي الجليل ، المشهور بمعرفة الكتب الماضية ، ثقة بالاتفاق ، توفي سنة ١١٤ ه.
انظر «التقريب» ص ٣٧٢ ، «وتهذيب الأسماء» ٢ / ١٤٩ للنووي.
(٥) في الأصل غير واضحة ، وما أثبتّه من «أخبار أصبهان» ١ / ٣٩ ، وفي أ ـ ه (تاه) ، والأول أنسب بالمقام ، لأن معناه استعصى عليه وامتنع وأنكر ، انظر «لسان العرب» ١٤ / ٤ ، «ومختار الصحاح» ص ٣ ، «ومعجم الوسيط» ١ / ٤.