(الملك) (١) كتب إلى ملك من ملوك الروم قد نسيت اسمه ، يستهديه رجلا من كبار حكمائه وحذاق أطبائه ، فأنفذ إليه رجلا اختاره من بلدان مملكته ، فلّما وفد عليه ، قال له : أيها الحكيم ، إنما أنهضناك من أرضك إلى أرضنا ؛ لتختار لنا من بلدان مملكتنا بلدا يصح فيه هذه الأركان (الأربعة) (٢) الكبار ، التي بسلامتها يطول بقاء الحيوان ، وباعتدالها تصحب أجسام الحيوان الصحة ، وتفارقها العلة. يعني (٣) : الأرض والماء والهواء ، والنار ، فقال : أيها الملك وكيف لي بإدراك ذلك؟ فقال : استقرىء بلدان مملكتنا ، وأي موضع وقع اختيارك عليه فأقم به ، واكتب إلي منه ، لأتقدم (٤) في الزيادة في عمارته ، وأتحول إليه ، فأجعله دار المملكة ، فانتدب الرومي لما أمره ، وطاف في بلدان المملكة ، فوقع اختياره على أصبهان ، فأقام بها ، وكتب إلى الملك فيروز أني جلت في مملكتك ، حتى انتهيت إلى بلد لا يشوب شيئا من أركانه فساد ، وقد نزلت أنا منه فيما بين حصني قرية يوان (٥) ، فإن رأى الملك أن يقطعني ما بين الحصنين من أرض يوان ، ويطلق لي بأن أبني فيها كنيسة ودارا ، فلما ورد كتابه إلى فيروز ، أطلق له ما سأل ، فبنى بإزاء الحصنين من أرضي (٦) يوان داره ، ورفع (٧) رقعتها في الموضع الذي فيه دار النوشجان وإسحاق من يوان إلى الساعة ، وبنى بإزاء الحصن الآخر البيعة ، وبنى بالحصن الآخر موضع رقعة
__________________
ـ أنه سقط في الخندق الذي حفره اخشتوار لما أراد مقاتلته ، فسقط فيه بعسكره ، وكان عمقه عشرون ذراعا ، (وقضى عليه) ، وكان ملك فيروز ستا وعشرين سنة ، وقيل إحدى وعشرين سنة. انتهى.
(١) بين الحاجزين : ساقط من ن ـ أ ـ ه.
(٢) بين الحاجزين : من «أخبار أصبهان» ١ / ٣٤ لأبي نعيم.
(٣) في المصدر السابق بزيادة : بالأركان بعد يعني.
(٤) في المصدر السابق (بالزيادة).
(٥) في الأصل : (بوان) ، والصواب ما أثبته من أ ـ ه ، ومن «أخبار أصبهان» ١ / ٣٤. وكذا ذكره ياقوت في «معجم البلدان» ٥ / ٤٥٢ تحت باب الياء والواو ، بقوله : (يوان) آخره نون ، وأوله مفتوح : قرية على باب مدينة أصبهان.
(٦) جمع أرض ، كما قال ابن مالك : وأرضون شذ ، وحذفت النون للإضافة.
(٧) في المصدر السابق لأبي نعيم : «ووقعت».