المسجد الجامع (اليوم) (١) ؛ لأنه كان في الأصل حصنان من حصون قرية يوان ، ووقع (٢) (ت) رقعة موضع البيعة عند المسجد الذي على طرف ميدان سليمان ، وبناؤه باق إلى الساعة (٣).
وتقدم فيروز من فوره ذلك إلى آذر شابور (٤) بن آذرمانان الأصفهاني ، وكان مقيما بالحضرة (٥) بالمبارزة إلى أصبهان ، لإتمام بناء سور مدينة جيّ (٦) وتغليق أبوابها (٧) ، فلما استقر قباذ (٨) في المملكة ، أمر الرومي أن يختار له بلدا معتدل الهواء في الأزمنة (٩) الأربعة ، المتوسط في حال اللدونة والرطوبة واليبوسة ، الذي نسيمه خفيف رقيق مضيء ، تستروح إليه القلوب ، وتنفسح له الأبصار ، ويختار له من الأحطاب أطنها صوتا وأطيبها رائحة ، الذي يلهب نيرانها صاف ، وحرها متوسط ، ودخانها مع قلته عذي (١٠) ، ويختار لهم من المياه ، الفرات (١١)
__________________
(١) بين الحاجزين من المصدر السابق.
(٢) كذا من نفس المصدر.
(٣) قلت : وإلى اليوم باق ضمن الآثار التاريخية ، وقد رأيته.
(٤) في ن ـ أ ـ ه : أرد سابور ، وهكذا عند أبي نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٤.
(٥) في أ ـ ه : (المبادرة).
(٦) كانت مركز أصبهان في القديم ، وهي الآن كالخراب ، واليهودية هي التي يقال لها «الأصبهان» ، والمسافة بين جي والأصبهان الحالي نحو ميلين. انظر «معجم البلدان» ٢ / ٢٠٣. قلت : توسع العمران. قد خلت جي واليهوية كجزء من المدينة ، وإن تغيرت الأسماء ، ولكن ما زالت معروفة بين الناس بأسمائها القديمة ، ولم يزل شارع كبير باسم جي إلى اليوم.
(٧) عند أبي نعيم بعد الكلمة المذكورة : «فعزم فيروز على التحول من العراق إلى أصبهان ، ثم انتقض عزمه بخروجه إلى أرض الهياطلة وهلاكه هناك ، ثم ولي الأمر قباذ. انظر «أخبار أصبهان» ١ / ٣٤ ـ ٣٥.
(٨) قباذ : هو ابن فيروز بن يزد جرد ، تولى الملك بعد أخيه بلاش ابن فيروز ، وكان ملك قباذ سبعا وثلاثين سنة ، وهو الذي فتح مدينة آمد ، وبني مدينة أرجان وحلوان ، ثم مات وملك ابنه أنو شيروان كسرى. انظر «الكامل في التاريخ» ١ / ٢٤١ ـ ٢٤٣ لابن الأثير.
(٩) أعني : الشتاء والصيف والربيع والخريف.
(١٠) في أ ـ ه : (غذي) ، والصحيح : ما أثبته من الأصل ، وكذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٥ ، والعذي : الأرض الطيبة الكريمة ، والعذي اسم للموضع الذي ينبت في الشتاء والصيف من غير نبع ماء.
انظر «لسان العرب» ١٥ / ٤٤ ، و «مقاييس اللغة» ٤ / ٢٥٨.
(١١) الفرات : أشد الماء عذوبة وحلوا. انظر «لسان العرب» ٢ / ٦٥.