فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن هذا يوم له ما بعده من الأيام ، وإني أرى من الرأي يا أمير المؤمنين أن تسير بنفسك. وبأهل الحجاز ، وبأهل الشام ، وأهل العراق ، حتى تلقاهم بنفسك ، فإنك أبعد العرب صوتا ، وأعظمهم منزلة. ثم قام علي (١) بن أبي طالب ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، وقال : أما بعد ، فهذا يوم له ما بعده من الأيام ، وإني لا أرى يا أمير المؤمنين ما رأى هؤلاء أن تسير بنفسك ، ولا بأهل الحجاز ، ولا بأهل الشام ، ولا بأهل العراق ، فإن القوم إنما جاءوا بعبادة الشيطان ، والله أشد تغييرا لما أنكر ، ولكن أرى أن تبعث إلى أهل الكوفة ، فتسير ثلثيهم (٢) ، وتدع في حفظ ذراريهم ، وجمع جزيتهم ، وتبعث إلى أهل البصرة فيوروا ببعث ، فإن القوم إنما جاءوا بعبادة الشيطان ، والله أشد تغييرا لما أنكر. فقال : أشيروا علي من أستعمل عليهم؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ، أنت أفضلنا رأيا وأعلمنا بأهلك. قال : لأستعملن عليهم رجلا يكون أول (٣) أسنة يلقاها ، اذهب بكتابي هذا يا سائب بن الأقرع إلى النعمان (٤) بن مقرن ، فليسر (٥) بثلثي أهل الكوفة ويدع ثلثا في حفظ ذراريهم
__________________
ـ الأولين ، وثالث الخلفاء الراشدين ، وأحد العشرة المبشرين ، استشهد في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة ، وعمره ثمانون ، وقيل : أكثر ، وقيل : أقل. انظر «التقريب» ص ٢٣٥ ، «والكاشف» للذهبي ٢ / ٢٥٤ ، «والإصابة» لابن حجر ٢ / ٤٦٢.
(١) هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي ، ابن عم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وزوج ابنته ، (وهو رابع الخلفاء الراشدين). من السابقين الأولين ، أحد العشرة المبشرة ، وأول من أسلم من الصبيان ، مات في رمضان سنة أربعين وله ثلاث وستون سنة على الراجح.
(٢) في الأصل : ثلثاهم ، والصواب ما أثبته.
انظر : «الإصابة» ٢ / ٥٠٧ ، لابن حجر ، «الكاشف» للذهبي ٢ / ٢٨٧ ، «وتقريب التهذيب» ص ٢٤٦.
(٣) عند خليفة بن خياط لأول أسنة وعند البلاذري هكذا (لأستعملن رجلا يكون لأول ما يلقاه من الأسنة).
انظر «تاريخ خليفة» ص ١٤٨ «وفتوح البلدان» ص ٣٠٠.
(٤) عند البلاذري أنه كتب إل النعمان بن عمرو بن مقرن ، والصحيح أنه كتب إلى النعمان بن مقرن ، وهو الذي استشهد بنهاوند ، وهو صحابي مشهور ، لا نعمان بن عمرو ، فإنه تابعي وهو ابن أخيه كما في «التقريب» ص ٣٥٩ ، «والتهذيب» ١٠ / ٤٥٦. انظر المصدر السابق للبلاذري ، وقال ابن عبد
(٥) في الأصل : أثبتت الياء ، والصواب بدونها كما أثبته. ـ