من أهل المدينة ، فأخبر عبد الله بن بديل (١) ، فخرج في طلبهم ، فلحق (٢) شيخا كبيرا ، فلما رآهم الفادوسبان قال : يا هذا لا تقتل أصحابي ، فإن أصحابي لا يقع لهم سهم ، ولكن ابرز إلي ، فقال عبد الله بن بديل : قد أنصفت ، فبرز له الشيخ فحمل ، فقال له الملك : هل لك في المعاودة؟ فقال عبد الله : نعم فقال له الملك : ما أحب أن أقاتلك. إني أراك رجلا كاملا ، ولكن هل لك في خير. أن أرجع معك فأصالحك وأفتح لك المدينة على أن أعطيك الخراج وتحل عني. فقال : نعم. ففتح له المدينة على صلح ، فلم يزل عبد الله بن بديل أميرا عليها ، عاملا لعمر حتى قتل ، واستخلف عثمان بن عفان ، وعزله عثمان لأنه ضرب أخوين من بني حنيفة في الخمر فماتا ، فبلغ ذلك خبرهما ، فكبر عليه خبرهم ، فكتب إليه عثمان : إن أصحاب رسول الله كانوا أعلم بالحدود منك. لا تلي لي عملا أبدا ، ثم عزله وأسلم إلى عبد الله (٣) بن علي بن يزيد.
__________________
(١) والذي في المراجع ، وهكذا عند أبي نعيم ١ / ٢٥ ـ ٢٦ أن الذي أخبروا برز إلى الشيخ فقتله هو عبد الله بن ورقاء الرياحي ، وسأبينه في محله ـ إن شاء الله ـ وإن هذا هو الصحيح.
(٢) في «أخبار أصبهان» ١ / ٢٤ ـ ٢٥» وخرج عبد الله من نهاوند فيمن كان معه ومن انصرف من جند النعمان نحو جند قد اجتمع له من أهل أصبهان عليهم الاستندار ، وعلى مقدمته شهر برازجاذويه ، شيخ كبير في جمع ، فالتقى المسلمون ومقدمة المشركين برستاق من رساتيق أصبهان ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فدعا الشيخ إلى البراز ، فبرز له عبد الله بن ورقاء ، فقتله وانهزم أهل أصبهان ، وسمى المسلمون ذلك الرستاق ، رستاق الشيخ ، فهو اسمه إلى اليوم ، ودعا عبد الله بن عبد الله من يليه ، فسارع الاستندار إلى الصلح ، فصالحهم. فهذا أول رستاق أخذ وصالح ، ثم سار عبد الله من رستاق الشيخ نحو جيّ لا يجد فيها أحدا ، حتى انتهى إلى جيّ ، والملك بأصبهان يومئذ الفادوسبان ، وقد أخذ بها ، فنزل بالناس على جيّ ، فحاصرهم فخرجوا إليه .. ، فلما التقوا قال الفادوسفان لعبد الله : لا تقتل أصحابي ، ولا أقتل أصحابك ، ولكن ابرز ، فإن قتلتك رجع أصحابك ... الخ. فتبين أن أول لقائهم كان مع شهر براز الشيخ ، وبعد قتله ، فقدم إلى جي ، وبرز عبد الله بن عبد الله بفادوسبان ، وحصل ما حصل.
راجع «أخبار أصبهان» ١ / ٢٥ ، «والكامل في التاريخ» لابن الأثير ٣ / ٨ ـ ٩.
(٣) لعله عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة ، وربما نسب إلى جده. روى عن أبيه ، عن جده ، وعنه الزبير بن سعيد الهاشمي. ذكره ابن حبان في «ثقات التابعين» ، ولم أجد في الصحابة أحدا بهذا الاسم.
انظر «التهذيب» ٥ / ٣٢٥ ، «والتاريخ الكبير» للبخاري ٥ / ١٤٧.