شريك له ، أقولها وآمر (١) الناس بها ، إنّ الخلق خلق الله ، والأمر كله لله ، خلقهم وأماتهم ، وهو ينشئهم ، وإليه المصير ، وإن كل أمر يزول ، وكل شيء يبيد ويفنى ، وكل نفس ذائقة الموت. من آمن بالله وبرسله كان له في الآخرة ترعة (٢) الفائزين ، ومن أقام على دينه تركناه ، ولا إكراه في الدين. هذا كتاب لأهل بيت سلمان ، أن لهم ذمة الله وذمتي ، على دمائهم وأموالهم في الأرض التي يقيمون فيها : سهلها وجبلها ، ومراعيها وعيونها ، غير مظلومين ، ولا مضيق عليهم ، فمن قرىء عليه كتابي هذا من المؤمنين والمؤمنات ، فعليه أن يحفظهم ويكرمهم ويبرهم ، ولا يتعرض لهم بالأذى والمكروه ، وقد دفعت عنهم جز الناصية (٣) والجزية (٤) والحشر (٥) والعشر (٦) ، وسائر المؤن والكلف ، ثم إن سألوكم فأعطوهم ، وإن استغاثوكم فأغيثوهم ، وإن استجاروا بكم فأجيروهم ، وإن أساؤوا فاغفروا لهم ، وإن أسيء إليهم فامنعوا عنهم ، ولهم أن يعطوا من بيت مال المسلمين في كل سنة مائتي حلة (٧) في شهر رجب ، ومائة في الأضحية ، فقد استحق سلمان ذلك منا ، لأنّ الله تبارك وتعالى قد فضل سلمان على كثير من المؤمنين ، وأنزل عليّ في الوحي : أن الجنة إلى سلمان أشوق من سلمان إلى الجنة ، وهو ثقتي وأميني ، وتقي ونقي ، ناصح لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمؤمنين ، وسلمان منا أهل البيت ، فلا يخالفنّ أحد هذه الوصية فيما أمرت به من الحفظ والبر لأهل بيت سلمان
__________________
(١) في ن ـ أ ـ ه : آخر الناس ، وهو تصحيف.
(٢) التّرعة : في الأصل : الروضة ، وقيل : الدرجة ، وقيل : الباب ، والمناسب بالمقام الثاني ، انظر «النهاية» لابن الأثير ١ / ١٨٧.
(٣) الجز ، قطع الشعر والصوف ، ويستعمل لقطع الثمار والحصاد أيضا. «لسان العرب» ٥ / ٣٢١ ، «النهاية» لابن الأثير ١ / ٢٦٨.
(٤) الجزية : خراج الأرض ، والجزية ما يؤخذ من أهل الذمة ، وهي عبارة عن المال الذي يعقد للكتابي عليه الذمة ، وهي فعلة من الجزاء ، كأنها جزت عن قتله.
انظر «النهاية» لابن الأثير ١ / ٢٧١ ، «ولسان العرب» لابن منظور ١٤ / ١٤٦.
(٥) الحشر : هو الجلاء عن الأوطان. «النهاية» لابن الأثير ١ / ٣٨٨.
(٦) هو زكاة ما سقته السماء ، وعشر أموال أهل الذمة في التجارات. انظر «النهاية» ٣ / ٢٣٩.
(٧) الحلة : إزار ورداء ، ولا يسمّى حلة حتى تكون ثوبين. انظر «مختار الصحاح» ص ١٥١.