قال : لما افتتحنا أصبهان ، وكان بين عسكرنا وبين اليهودية (١) فرسخ. فكنا نمتاز من اليهودية ، قال : فأتيتهم يوما فإذا اليهود يلعبون ويزفنون (٢) ، قال : فقلت : ما لكم تريدون أن تنتزعوا يدا من طاعة؟ قالوا : لا ، ولكن ملكنا الذي نستفتح به على العرب يدخل غدا. قلت : ملككم الذي تستفتحون به على العرب يدخل غدا؟ قالوا : نعم. قال : فقلت لصديق لي منهم : أبيت عندك الليلة. قال : وخشيت أن أقتطع دون العسكر. قال : فبتّ على ظهر بيت له ، حتى صليت الغداة ، فإذا الرهج (٣) يجيء من قبل عسكرنا ، فإذا أنا برجل قاعد في منبر عليه من ريحان ، وإذا اليهود حوله يزفنون ويلعبون ، فنظرت فإذا ابن صائد (٤) ، فدخل المدينة ، ولم ير (٥) بعد ذلك (٦).
__________________
(١) اليهودية : محلة بأصبهان ، وتقدم تحديدها في المقدمة.
(٢) زفن يزفن : رقص ، والزفن بكسر الزّاي : ظلة يتخذونها فوق سطوحهم تقيهم من حر البحر ونداه.
انظر «القاموس» ٤ / ٢٣١.
(٣) الرهج : بالسكون ويحرك : الغبار والسحاب بلا ماء ، والواحدة رهجة. انظر «القاموس» ١ / ١٩١.
(٤) هو عبد الله بن صياد أو صائد ، وكان الناس يحسبونه الدجال ، وما كان يرافقه أحد ، وقصة إسلامه وملاقاة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ له معروف في الصحيحين والسنن وانظر «مسند أحمد» ٣ / ٧٩.
(٥) عند أبي نعيم : ولم نره بعد ذلك ١ / ٢٨٨.
(٦) أخرجه أبو نعيم بسنده إلى الرقاشي ، ومنه إلى آخر السند به مثله ، وأشار أيضا إلى سند أبي الشيخ من الرقاشي ، وقال : ثنا به.
«أخبار أصبهان» ١ / ٣٢ ـ ٣٣ و ٢٨٧ ـ ٢٨٨ و ٢ / ١٠٧.