مركزا مهما لأهل السنة والجماعة ، صار الآن مركزا مهما للتشيع ، ومن أواسط دور الصفوية إلى الآن لا يوجد من أهل السنة بأصفهان وتوابعها حتى الآن ولا شخص واحد (١).
وأترك للقارىء الكريم حرية المقارنة ، ليرى موقف الشيعة من بلد انتشر فيه مذهب أهل السنة والجماعة ، وعم واستقر ، كيف عاشوه وما هو موقفهم منه.
بلد أنجب عددا كبيرا من الأئمة الفقهاء والمحدثين واللغويين وغيرهم ، وارتفعت فيه راية أهل السنة ، وكان في يوم من الأيام قاعدة من قواعد أهل السنة ليرى كيف أحالوه بالقهر والغلبة والتسلط إلى بلد شيعي ، ونسخوا وجود أي مسلم سني ، وقضوا على حضارتهم وآثارهم.
وقد اعترف بهذا الدكتور علي كلباسي ، كما تقدم ، وكاتبهم ومؤرخهم ميرزا حسن الأنصاري (٢) فقال :
«إن مذهب أهل السنة والجماعة كان هو المذهب الرسمي السائد في أصفهان إلى بداية القرن العاشر الهجري سنة ٩١٠ ه ، وإن كان البويهيون قد ادّعوا مذهب التشيع ، فإن بعضهم كانوا من الزيدية ، فقد حكموا باسم الخلفاء العباسيين والإسماعيليون في زمن السلاجقة نفّروا الناس عن مذهب التشيع ، وهاتان الفترتان لم تؤثرا على الكلمة التي كانت لأهل السنة ، فسيطرة أهل السنة على أصبهان كانت هي الغالبة في جميع هذه الفترة.
ثم قال : «في سنة ٩٠٦ ه ، فتح الشاه إسماعيل الصفوي العراق ، وجعل أهل السنة شيعة علنا ، وارتفع اختلاف الشافعية والحنفية منذ ذلك التاريخ ، ولكن حل محله اختلاف الفرقة الحيدرية والنعمتية ، كما تقدم» (٣).
__________________
(١) انظر «اقتصاد شهر أصفهان» ص ٢٠١.
(٢) في كتابه «تاريخ أصفهان» ١ / ٣٨.
(٣) من المصدر السابق ، وأصل عبارته بالفارسية ، وما ذكرته مترجم عنها.