بعد ، وبالإضافة إلى ذلك ، هناك بواعث أخرى لإقباله على طلب العلوم والحديث بالأخص ، وهو أنه يتربى في بيت علم وبيئة علمية عريقة ، فوالده عالم محدث ، وكان عنده كتب الحسين بن حفص ، و «مسند يونس بن حبيب» ، وعنده الحديث ـ عن أحمد بن يونس ، وأحمد بن عاصم ، وعامة الأصبهانيين (١) ، فهذا كله يدفعه لعنايته بالحديث.
وكذا جده من قبل أمه ، محمود بن الفرج ، وخاله أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمود بن الفرج ، من العلماء المحدثين ، وأبو عبد الرحمن من المكثرين رويا عن الأصبهانيين وغيرهم(٢).
فمن الطبيعي إذا ـ بعد أن ينشأ في أسرة علمية ـ أن يعتنقه الشوق والرغبة ، ويرافقه الجد في طلب العلم ، وهو صغير جدا ، فيذكر لنا الذهبي أنه «طلب الحديث من الصغر ، واعتنى به الجد ، فسمع من جده محمود بن الفرج الزاهد» (٣).
وسمع إسحاق بن إسماعيل الرملي في سنة ٢٨٤ ه ، أي حين لم يتجاوز سنه عشر سنوات (٤).
وليس هذا أول سماعه في هذه السنة ، بل سمع قبله من إبراهيم بن سعدان ، وأبي بكر بن أبي عاصم وآخرين في طبقتهما (٥).
فلا شك أن الفضل في نبوغه هذا يعود إلى والده أيضا ، حيث كان يعتني به كثيرا ، ويهتم في إحضاره مجالس العلماء المحدثين ، فكان كثيرا يختلف مع والده في مجالسهم حرصا منهم على حصول الحديث ، كما يذكر لنا هو بنفسه في ترجمة حاتم بن عبد الله النمري ، أنه لم يسمع منه ، ولكن لقي شيخا يقال
__________________
(١) انظر «طبقات المحدثين» ٢٩٩ / ٣ للمؤلف ، «وأخبار أصبهان» ٢ / ٢٧١ لأبي نعيم.
(٢) انظر نفس المصدرين السابقين ٢١١ / ٣ ، ٢ / ٧٤.
(٣) انظر «سير النبلاء» ٢١٥ / ١٠ ، و «النجوم الزاهرة» ٤ / ١٣٦ لابن تغري بردي.
(٤) انظر «سير النبلاء» ٢١٥ / ١٠.
(٥) انظر «العبر في خبر من غبر» ٢ / ٣٥١ للذهبي ، و «شذرات الذهب» ٣ / ٦٩ لابن العماد.