وقد خالفني المحقق في اعتبار تقسيم الكتاب إلى احدى عشرة طبقة ، ولا زلت أعتقد بأن أبا الشيخ لم يقم بالتقسيم إلى احدى عشرة طبقة ما دام قد خلط تراجم الطبقتين العاشرة والحادية عشر ولم يفصلهما ـ كما صرح ـ ، وربما وقفت أمامه عقبات فنية في عصر شيوخه وشيوخهم أو أصابه الارهاق فأبقاهم طبقة واحدة.
كذلك يجدر التنبيه إلى أن نسخة الظاهرية التي اعتمد عليها المحقق الفاضل يرجع تاريخها إلى النصف الأول من القرن السابع الهجري وكان الحافظ يوسف بن خليل الدمشقي (ت ٦٤٨ ه) قد تملك حق روايتها بالسماع وأثبت تاريخ سماعه عليها سنة ٦٣٥ ه ، وهذه النسخة نقلت من نسخة أقدم عليها تملك وسماع يوسف بن خليل نفسه بتاريخ ٥٩٢ ه.
وقد اشتهر الحافظ يوسف بن خليل بكثرة سماعاته للكتب واحتفاظه بنسخها الدقيقة كما تدل سماعاته وتملكاته المدونة على العديد من نسخ المخطوطات في دار الكتب الظاهرية. ويبدو أن الدراسات المتعلقة بالمخطوطات لا زالت لا تحظى بالعناية الكافية من المحققين رغم أهمية ذلك في توثيق النسخ ، ولا شك أن التقدم العلمي للعالم العربي الاسلامي كفيل في المستقبل بمعالجة هذه الثغرة بإيجاد المعامل والمتخصصين اللازمين لمعالجة أنواع الورق والحبر والخطوط وتحديد تواريخها.
إن حركة النشر لكتب التراث نشيطة هذه الايام ولكن تقف أمامها عقبات أبرزها عدم الالتزام بقواعد النشر العلمية ، وضعف الارشاد الاكاديمي في الاعم الاغلب ، وتراجع الذوق اللغوي بتراجع تعليم اللغة العربية من حيث المستوى والنوع رغم اتساعه أفقيا. وأخيرا عدم الانتقاء للنصوص الاكثر أهمية وإعطائها الأولوية في النشر.
إن النشر العلمي الجيد وحده هو الذي يخدم واقعنا الثقافي عندما تبنى دراساتنا التراثية على نصوص موثقة توثيقا علميا ينأى عن خطأ الفهم وانحراف