وإن قصد دفع التهمة ، إلا مع رضاء المدعي. والمراد بعلمه هنا العلم الخاص وهو الاطلاع الجازم ، لا بمثل وجود خطه به إذا لم يذكر الواقعة (١) وإن أمن التزوير.
نعم لو شهد عنده عدلان بحكمه به (٢) ولم يتذكر فالأقوى جواز القضاء كما لو شهدا بذلك (٣) عند غيره. ووجه المنع إمكان رجوعه إلى العلم لأنه (٤) فعله ، بخلاف شهادتهما عند الحاكم على حكم غيره فإنه يكفي الظن (٥) ، تنزيلا لكل باب على الممكن فيه ، ولو شهدا عليه (٦) بشهادته به (٧) ، لا بحكمه فالظاهر أنه كذلك (٨).
(وإلا) يعلم الحاكم بالحق (طلب البينة) من المدعي (٩) إن لم يكن عالما بأنه موضع المطالبة بها ، وإلا جاز للحاكم السكوت (١٠) ، (فإن قال : لا بينة لي عرّفه)
______________________________________________________
(١) أما مع ذكر الواقعة فلا داعي للخط.
(٢) أي بالعلم.
(٣) أي بحكمه فإنه نافذ عند الحاكم الآخر على تقدير ثبوته بالبينة.
(٤) أي العلم.
(٥) لأن الحاكم الآخر غير عالم بالحكم ولا يستطيع إلا تحصيل الظن الآتي من البينة فلذا اكتفى بالشهادة على حكم الحاكم الآخر ، بخلاف الحاكم الأول فإنه يمكن له تحصيل العلم فلا يكتفي بالظن الآتي من البينة القائمة على حكمه بعلمه.
(٦) على الحاكم الأول.
(٧) أي بما يعلم.
(٨) أي قبول الشهادة لعموم أدلة حجية البينة ، ويحتمل العدم لإمكان الرجوع إلى علم الحاكم وهو يشهد بنفسه تنزيلا لكل باب على الممكن فيه.
(٩) بل لو علم الحاكم أن المدعي يعلم أنه موضع المطالبة بالبينة ، فالحاكم بالخيار إن شاء قال للمدعي : ألك بينة؟ وإن شاء سكت ، للأصل.
وأما إذا كان المدعي لا يعلم أنه موضع المطالبة بالبينة أو جهل حاله وجب على الحاكم أن يقول له : ألك بينة؟ ويجب ذلك على الحاكم هنا لئلا يضيع حق المدعي.
(١٠) قال في الجواهر : (بل قد يقال بوجوبه عليه مطلقا لأنه مقدمة للقضاء المأمور به بين المتخاصمين ، وعلمه بالحال ـ أي بحال المدعى أنه يعلم أنه موضع المطالبة بالبينة ـ لا ينافي ذلك منه).