المنكر عن اليمين وعن ردها على المدعي بأن قال : أنا نأكل ، أو قال : لا أحلف عقيب قول الحاكم له : احلف ، أو لا أرد (ردت اليمين أيضا) على المدعي (١) بعد
______________________________________________________
ـ ومنها : لو قلنا إن اليمين المردودة بمنزلة البينة فهي تحتاج في مقام ثبوتها إلى حكم الحاكم كاحتياج البينة ، وإن جعلناها بمنزلة اقرار الغريم فلا تحتاج ، لعدم احتياج الاقرار إلى حكم الحاكم كما تقدم سابقا.
وفيه : إن الترديد في اليمين المردودة بين البينة وإقرار الغريم ضعيف إذ لا دليل على الحصر بينهما ، مع أن إلحاقها بأحدهما مبني على الاستحسان الذي لا نقول به ، فالأقوى جعلها قسما مستقلا برأسه ، وأما الفرعان المذكوران فلا تسمع بينة المنكر بعد حلف المدعي ، أولا لثبوت الحق له بالحلف كما هو مقتضى الإطلاق في النصوص السابقة ، وثانيا : لا تسمع البينة من المنكر بل وظيفته الحلف فقط ، هذا بالنسبة للفرع الأول ، وأما بالنسبة للفرع الثاني فالحق لا يثبت بمجرد وقوع اليمين المردودة من المدعي بل لا بد من إنشاء حكم الحاكم على كل حال لفصل النزاع بين المتخاصمين.
(١) ذهب الصدوقان والشيخان والديلمي والحلبي وغيرهم إلى أن المنكر لو نكل بمعنى أنه لم يحلف ولم يرد الحلف على المدعي ، فيعتبره الحاكم ناكلا ويحكم عليه للنبوي (البينة على من ادعى واليمين على من ادعي عليه) (١) ، والتفصيل قاطع للشركة وهو يقتضي اختصاص اليمين بالمنكر فلا يجوز من المدعي ، وفيه : أنه لبيان الحكم الأولي فلا ينافي ثبوت اليمين على المدعي بالرد ومن المنكر أو الحاكم مع امتناع المنكر لأنه ولي الممتنع.
واستدل بصحيح محمد بن مسلم (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الأخرس كيف يحلف إذا أدعي عليه دين وأنكر ولم تكن للمدعي بينة؟ فقال : إن أمير المؤمنين عليهالسلام أتي بأخرس ـ إلى أن قال ـ كتب له اليمين وغسلها وأمره بشربه فامتنع فألزمه الدين) (٢) ووجه الاستدلال أنه قضى عليه بمجرد النكول ، وفيه : أنه قضية في واقعة لا عموم فيها ، ولعله قضى عليه بمجرد النكول لعدم إمكان الرد على المدعي ، مع أن الخبر المتضمن لشرب الماء بالنحو المذكور لم يعمل به الأصحاب فهو موقوف على العمل به.
واستدل بخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله (قلت للشيخ ـ يعني الكاظم ـ عليهالسلام : خبرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلم تكن له بينة بما له ، قال : فيمين المدعى عليه ، فإن حلف فلا حق له ، وإن ردّ اليمين على المدعى فلم يحلف فلا حق له ، وإن لم يحلف فعليه ، وإن كان المطلوب بالحق قد مات فأقيمت عليه البينة فعلى المدعي اليمين بالله الذي ـ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١.