(وإن ارتاب الحاكم بالشهود) مطلقا (١) (فرقهم) (٢) استحبابا ، (وسألهم عن مشخصات القضية) زمانا ومكانا وغيرهما من المميزات ، (فإن اختلفت أقوالهم سقطت) شهادتهم ، ويستحب له عند الريبة وعظهم وأمرهم بالتثبت والأخذ بالجزم (٣) ، (ويكره له أن يعنّت الشهود) أي يدخل عليهم العنت وهو المشقة (إذا كانوا من أهل البصيرة بالتفريق) وغيره من التحزيز (٤).
(ويحرم) عليه (أن يتعتع الشاهد) (٥) أصل التعتعة في الكلام التردد فيه
______________________________________________________
(١) سواء كانوا شهود الأصل أو شهود التزكية.
(٢) ليسأل كل واحد منهم من دون علم الآخر عن مشخصات القضية بالزمان والمكان وغيرهما ، ليستدل على صدقهم باتفاق كلمتهم وعدمه باختلافهم ، وقد فعله دانيال النبي عليهالسلام (١) في شهود على امرأة بالزنا فعرف منه كذبهم ، وكذا داود عليهالسلام (٢) ، وقد فعله أمير المؤمنين عليهالسلام كما في خبر أبي بصير (٣) في سبعة نفر خرجوا في سفر ففقد واحد منهم فجاء ولده إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وذكر له ذلك ، فاستدعاهم وسألهم فأنكروا ، ففرقهم وأقام كل واحد منهم إلى سارية ووكّل به من يحفظه ، ثم استدعى واحدا منهم وسأله فأنكر فقال عليهالسلام : الله أكبر ، فسمعه الباقون فظنوا أنه قد اعترف ، فاستدعى واحدا بعد واحد فاعترفوا بقتله فالزمهم المال والدم.
(٣) من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(٤) وهو الحزازة ، فيكره للحاكم أن يعنت الشهود إذا كانوا من ذوي البصائر والاذهان القوية أن يفرق بينهم أو يكلفهم ما يثقل عليهم من المبالغة في مشخصات القضية ، وكذا يكره لأهل الفضل والعقل الوافر والدين لما فيه من غضاضة لهم وامتهان وإن كان لا يصل إلى حد الحرمة ، نعم يستحب ذلك عند الريبة.
(٥) وهو أن يداخله في أثناء التلفظ بالشهادة بكلام يجعله ذريعة لنطقه ما لا يريد ، أو يجعله مانعا للعدول عما كان يريد التلفظ به ، من باب الهداية إلى ما ينفعه ، وكذا استدراجه إلى ما ينفعه ، بل يجب على الحاكم أن يكف عن الشاهد حتى ينتهي ما عنده ويحكم بمقتضاه ، وإن كان الشاهد يتردد ويتلعثم في شهادته لهيبة الحاكم أو مجلس الحكومة ، كل ذلك لما فيه من تضييع الحق وترويج الباطل.
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٤٢٦ ـ ٤٢٧.
(٢) القاضي ج ٧ ص ٣٧٢.
(٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١.