(وهو) هنا (أن يداخله في الشهادة) فيدخل معه كلمات توقعه في التردد ، أو الغلط بأن يقول الشاهد : إنه اشترى كذا فيقول الحاكم : بمائة ، أو في المكان الفلاني ، أو يريد أن يتلفظ بشيء ينفعه فيداخله بغيره ليمنعه من إتمامه ونحو ذلك ، (أو يتعقبه) بكلام ليجعله تمام ما يشهد به بحيث لولاه لتردد ، أو أتى بغيره ، بل يكف عنه حتى ينتهي ما عنده وإن لم يفد ، أو تردد ، ثم يرتب عليه ما يلزمه ، (أو يرغّبه في الإقامة) (١) إذا وجده مترددا (أو يزهّده لو توقف ، ولا يقف عزم الغريم عن الإقرار (٢) إلا في حقه تعالى) فيستحب أن يعرّض المقر بحدّ الله تعالى بالكف عنه والتأويل.
(لقضية ماعز بن مالك عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم) حين أقر عنده بالزنا في أربعة مواضع ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يردده ويوقف عزمه تعريضا لرجوعه ، ويقول له : لعلك قبلت ، أو غمزت ، أو نظرت قال : لا قال : أفنكتها لا تكني قال : نعم ، قال : حتى غاب ذلك منك في ذلك منها قال : نعم ، قال : كما يغيب المرود (٣) في المكحلة والرشا (٤) في البئر ، قال : نعم ، قال : هل تدري ما الزنا ، قال : نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا ، فعند ذلك أمر برجمه (٥).
وكما يستحب تعريضه للإنكار يكره لمن علمه منه غير الحاكم حثه على الإقرار ، لأن هزّالا قال لماعز : بادر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل أن ينزل فيك قرآن فقال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا علم به : ألا سترته بثوبك كان خيرا لك.
______________________________________________________
(١) فلو تردد الشاهد في الشهادة لأمر قد عرض له لم يجز ترغيبه في الاقدام ، وكذلك لا يجوز تزهيده في إقامتها بعد فرض جزم الشاهد بالشهادة لما فيه من تضييع الحق وترويج الباطل.
(٢) أي لا يجوز للحاكم إيقاف الغريم عن الاقرار لو أراد أن يقر بالحق لما فيه من الظلم بالغريم الآخر ، هذا في حقوق الآدميين ، وأما الاقرار في حق الله تعالى فإنه يجوز ذلك وتزهيده في إتمامه وتعريضه بالتأويل بل يستحب ذلك لقضية ماعز بن مالك الأسلمي عند اعترافه بالزنا وقد نقل الخبر الشارح في الروضة.
(٣) بكسر الميم وسكون الراء وفتح الواو ، وهو الميل الذي يكتحل به.
(٤) بالكسر وهو الحبل.
(٥) سنن البيهقي ج ٨ ص ٢٢٦.