واعلم أن المصنف رحمهالله ذكر أولا أن جواب المدعى عليه إما إقرار ، أو إنكار ، أو سكوت (١) ، ولم يذكر القسم الثالث ، ولعله أدرجه في قسم الإنكار على تقدير النكول ، لأن مرجع حكم السكوت على المختار (٢) إلى تحليف المدعي بعد إعلام الساكت بالحال. وفي بعض نسخ الكتاب نقل أن المصنف ألحق بخطه قوله : (وأما السكوت فإن كان لآفة) من طرش ، أو خرس (توصّل) الحاكم (إلى) معرفة (الجواب) بالإشارة المفيدة لليقين ، ولو بمترجمين عدلين ، (وإن كان) السكوت (عنادا حبس حتى يجيب) على قول الشيخ في النهاية ، لأن الجواب حق واجب عليه ، فإذا امتنع منه حبس حتى يؤديه ، (أو يحكم عليه بالنكول بعد عرض الجواب عليه) بأن يقول له : إن أجبت ، وإلا جعلتك ناكلا ، فإن أصر حكم
______________________________________________________
(١) إذا طلب الحاكم الجواب من المدعى عليه فسكت ، فإن كان سكوته لدهش له أو غباوة فلا بد من إيناسه إلى أن تزول دهشته ويعرف حاله حينئذ ، وإن كان السكوت لآفة من صمم أو خرس فلا بد من التوصل إلى معرفة جوابه المعتبر بإشارته المفيدة لليقين بكونه مقرا أو منكرا ، ولو استغلقت إشارته بحيث يحتاج إلى مترجم فلا بد من اثنين عدلين يترجمان إشارته ، وإن كان سكوته عنادا ففيه أقوال : الأول : أنه يلزم بالجواب فإن أصرّ حبس حتى يبين ، لأن الجواب حق عليه فيجوز حبسه لاستيفائه منه ، وهو المحكي عن الشيخ في النهاية والخلاف والمفيد وسلّار وابني حمزة وسعيد والعلامة وولده بل في المسالك نسبته إلى المتأخرين.
الثاني : من أنه يجبر من دون حبس بل يجبر بالضرب ويبالغ معه في الإهانة ، وقال في الجواهر : لم نعرف قائله ، ودليله من باب الأمر بالمعروف ، وأن الجواب حق عليه فينتزع منه ولو بالضرب.
الثالث : قول الشيخ في المبسوط والحلي في سرائره والعلامة في موضع من القواعد والقاضي في مهذبه يقول له الحاكم : إما أجبت وإما جعلتك ناكلا ، وعليه فإن قلنا بالحكم عليه بالنكول فهو وإلا ردّ الحاكم اليمين على المدعي كما تقدم الخلاف فيه ، واستدل لهذا القول بأنه لو أجاب جوابا صحيحا ثم امتنع عن اليمين جعل ناكلا ، فإذا امتنع عن الجواب واليمين معا كما هو المفروض هنا فأولى أن يكون ناكلا ، وبالإضافة إلى أن العناد أشدّ وأظهر هنا ، والأخير متجه لما في الأول والثاني من الحبس والضرب وهما ضرران عليه من دون دليل ملزم.
(٢) وهو مختار الشارح لا المصنف ، وإلا مختار المصنف الحكم عليه بمجرد النكول من دون رد اليمين على المدعي من قبل الحاكم.