فقال له أمير المدينة : يا علي إما أن تحلف ، أو تعطيها فقال لي يا بني : قم فأعطها أربعمائة دينار ، فقلت : يا أبه جعلت فداك ، ألست محقا قال : بلى ولكني أجللت الله عزوجل أن أحلف به يمين صبر.
(ويكفي الحلف على نفي الاستحقاق (١) وإن أجاب) في إنكاره (بالأخص) كما إذا أدعي عليه قرضا فأجاب بأني ما اقترضت ، لأن نفي الاستحقاق يشمل المتنازع وزيادة ، ولأن المدعي قد يكون صادقا فعرض ما يسقط الدعوى ، ولو اعترف به وادعى المسقط طولب بالبينة ، وقد يعجز عنها فدعت الحاجة إلى قبول الجواب المطلق ، وقيل : يلزمه الحلف على وفق ما أجاب به ، لأنه بزعمه قادر على
______________________________________________________
(١) لقد أجاد الشارح في المسالك في تحرير هذه المسألة حيث قال : (إذا ادّعى عليه شيئا فإما أن يطلق الدعوى كقوله : لي عليك مائة ، أو يخصصها في سبب معين ، كقوله : من ثمن مبيع أو أجرة أو غصب ، وإنكار المدعى عليه إما أن يكون مطلقا أيضا ، كقوله : لا تستحق عندي شيئا أو معينا ، كقوله : لم أغصب أو لم اشتر أو لم استأجر ، فمع اطلاق الإنكار يكفيه الحلف على نفي الاستحقاق مطلقا اتفاقا ، لأن الغرض يحصل به ، ونفي العام يستلزم نفي الخاص ، فإن أجاب بنفي الخاص فإذا حلف عليه فكذلك لأنه هو المطابق للإنكار ويأتي على الدعوى.
وإن أراد الحلف على نفي الاستحقاق ـ عند كون إنكاره بنفي الخاص ـ ففي إجابته قولان ، أظهرهما نعم لما تقدم من دخول الخاص في ضمن نفيه ، وجاز تعلق غرض صحيح بالعدول إلى العام بأن كان قد غصب أو اشترى أو استأجر ولكن برئ من الحق بدفع أو إبراء فحلفه على نفي الخاص كذب ، والعدول إلى العام مع كونه صدقا يتضمن الفرض الصحيح من براءته من حقه ، وقال الشيخ : يلزمه في هذه الصورة الحلف على وفق الجواب ، لأنه المطابق للدعوى ، وجوابه بنفي الأخص يقتضي عدم تلك الاحتمالات الموجبة للعدول إلى الأعم ، ولو وقعت لأجاب ابتداء بنفي الاستحقاق.
ويضعّف بأنه مع تسليم قدرته على الحلف على وفق الجواب لا يلزم منه وجوب إجابته إليه ، وإنما اللازم له الحلف على البراءة من حقه بأي لفظ اتفق ، فله العدول إلى نفي الاستحقاق اقتراحا ، مع أنا نمنع من استلزام جوابه بنفي الأخص إمكان حلفه عليه لما استقر عليه من العادات من التساهل في جواب المحاورات بما لا يتساهل به في وقت الأيمان ونحوها) انتهى. والمنع الثاني شرحه صاحب الجواهر بقوله : (ربما كان له غرض بتغيير المحلوف عليه عما أجاب به لمعلومية التسامح في العادة في المحاورة بما لا يتسامح به في حال الحلف) انتهى.