الجميع (١) إن شاء المالك ، لاعترافه بترتب يده على المغصوب ، فيتخير المالك في التضمين (ويقضى على الغائب عن مجلس القضاء) (٢) سواء بعد أم قرب وإن كان
______________________________________________________
(١) فيده على المال ـ حسب الفرض ـ بعد يد المدعي ، فمع فرض رجوع الشاهد عن شهادته والمدعي عن يمينه ودعواه فقد أقر بالحق للمدعى عليه ، ولازم اقرارهما أن يدهما على المال يد عدوان ، ومع تعاقب الأيدي العدوانية الضامنة على المال فالمالك بالخيار في الرجوع على أيهما شاء.
(٢) القضاء على الغائب مشروع وثابت في الجملة بلا خلاف فيه للأخبار.
منها : خبر جميل بن دراج عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (الغائب يقضى عليه إذا قامت عليه البينة ويباع ماله ، ويقضى عنه دينه وهو غائب ، ويكون الغائب على حجته إذا قدم ، قال : ولا يدفع المال إلى الذي أقام البينة إلا بكفلاء) (١) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام (كان علي عليهالسلام يقول : لا يحبس في السجن إلا ثلاثة : الغاصب ، ومن أكل مال اليتيم ظلما ، ومن ائتمن على أمانة فذهب بها ، وإن وجد له شيء باعه غائبا كان أو شاهدا) (٢).
وما ورد في خبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهمالسلام (لا يقضى على غائب) (٣) محمول على أنه لا يجزم بالقضاء عليه بل يكون على حجته عند حضوره.
ومقتضى الأخبار جواز القضاء على الغائب المسافر سواء كان دون المسافة أو بعدها وخالف يحيى بن سعيد فاعتبر المسافة والاطلاق المتقدم حجة عليه ، وأما إذا كان في البلد ولم يحضر مجلس الحكم لعارض فكذلك لإطلاق الأخبار المتقدمة ، وأما إذا لم يحضر قصدا فالمشهور جواز القضاء عليه للإطلاق المذكور ، وعن الشيخ في المبسوط العدم اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن وهو ما لو غاب على نحو الضرورة. والإطلاق أيضا يدفعه.
ثم إن القضاء على الغائب مخصوص بحقوق الآدميين كالديون والعقود والايقاعات فإذا ثبتت البينة يحكم بها عليه لئلا تضيع حقوق الناس وليس فيها حيف على الغائب لأنه على حجته إذا حضر ، وأما في حقوق الله كالحد المترتب على الزنا وغيره فلا ، لأنها مبنية على التخفيف فلعله فعل الزنا بعنوان وطء الشبهة ولذا تدرأ الحدود بالشبهات بلا خلاف في ذلك كله ، وإنما الخلاف فيما اشتمل على الحقين كالسرقة فلا إشكال في ثبوت حق الآدمي وهو المال ، وأما القطع الذي هو حق الله فمقتضى ما تقدم عدم الثبوت وقد تردد ـ
__________________
(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١ و ٢ و ٤.