في البلد ولم يتعذر عليه حضور مجلس الحكم على الأقوى ، لعموم الأدلة ، ولو كان في المجلس لم يقض عليه إلا بعد علمه (١) ، ثم الغالب على حجته لو حضر ، فإن ادعى بعده قضاء أو إبراء أقام به البينة ، وإلا أحلف المدعي ، ومحله حقوق الناس ، لا حقوق الله تعالى ، لأن القضاء على الغائب احتياط ، وحقوق الله تعالى مبنية على التخفيف لغنائه ، ولو اشتمل على الحقين كالسرقة قضي بالمال دون القطع.
(وتجب اليمين مع البينة على بقاء الحق) (٢) إن كانت الدعوى لنفسه ، ولو
______________________________________________________
ـ المحقق من حيث إنه حق الله فلا يثبت ، ومن أن القطع والمال هنا معلولان لعلة واحدة فإذا ثبت معلول فلا بد أن يثبت الآخر حتما لأنه لا يعقل ثبوت أحدهما دون الآخر ، وفيه : إن التفكيك بين المتلازمين في الفقه غير عزيز وذلك لأنها ليست معاليل لعلة حقيقية بل العلة هنا من قبيل المعرّفات للأحكام. ومثله ما لو أقر بالسرقة فإنه يثبت المال دون القطع بالاتفاق.
(١) لعدم صدق الغائب عليه فلا تشمله الأخبار المتقدمة.
(٢) قد تقدم أنه لا يستحلف المدعي مع بينته بالاتفاق ويدل عليه مضافا إلى ما تقدم خبر محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليهالسلام : عن الرجل يقيم البينة على حقه هل عليه أن يستحلف؟ قال : لا) (١) وخبر أبي العباس عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا أقام الرجل البينة على حقه فليس عليه يمين) (٢).
وما عن بعض العامة من ضم اليمين إلى البينة في المدعي ضعيف ، نعم قد ورد في حديث سلمة بن كهيل عن علي عليهالسلام يقول لشريح : (وردّ اليمين على المدعي مع بينته فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت في القضاء) (٣) ، فهو محمول على الدعوى على الميت كما سيأتي أو أنه يرد إلى أهله لعدم صلاحيته لمعارضة ما تقدم.
إذا تقرر هذا فقد استثنى الأصحاب من ذلك ما لو كانت الدعوى على الميت فإذا ادعى عليه حقا وشهدت البينة بذلك فإنه يستحلف على بقاء الحق في ذمة الميت استظهارا إذ لعله قد وفّاه حقه ببينة أخرى أو من دون بينة ، وهذه اليمين تسمى بيمين الاستظهار ، وهذا مما لا خلاف فيه لخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله (قلت للشيخ عليهالسلام ـ يعني موسى بن جعفر ـ : خبّرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلم تكن له بينة بما له ـ
__________________
(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١ و ٢ و ٤.