(ويصح الرجوع في الهبة بعد الإقباض ما لم يتصرف الموهوب (١) تصرفا
______________________________________________________
(١) اعلم أن الهبة إذا تمت بالعقد والقبض فهي من العقود الجائزة ، لأن الأصل في العقود اللزوم لقوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) ، ولكن قد دلت الأخبار الكثيرة على جوازها.
منها : صحيح جميل والحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا كانت الهبة قائمة بعينها فله أن يرجع فيها وإلا فليس) (٢) وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (الهبة والنحلة يرجع فيهما إن شاء حيزت أو لم تحز إلا لذي رحم) (٣) وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله وعبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليهالسلام (عن الرجل يهب الهبة أيرجع فيها إن شاء أم لا؟ قال عليهالسلام : تجوز الهبة لذوي القرابة ، والذي يثاب من هبته ، ويرجع في غير ذلك إن شاء) (٤).
والرجوع مكروه جمعا بين ما تقدم وبين خبر جراح المدائنيّ عن أبي عبد الله عليهالسلام (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من رجع في هبته فهو كالراجع في قيئه) (٥) وخبر إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي عبد الله عليهالسلام (أنت بالخيار في الهبة ما دامت في يدك ، فإذا خرجت إلى صاحبها فليس لك أن ترجع فيها) (٦) ومثلها غيرها.
وهذا وتلزم الهبة بعد القبض ولا يجوز فيها الرجوع في موارد :
الأول : فيما إذا كانت الهبة لأحد الأبوين أو الأولاد بلا خلاف فيه إلا من المرتضى في الانتصار حيث جعلها جائزة ، وهو شاذ والغريب أنه ادعى الاجماع مع أن الأمر بالعكس كما عرفت لصحيح ويدل على الحكم أخبار.
منها : صحيح محمد بن مسلم وصحيح عبد الرحمن وعبد الله بن سليمان المتقدمان ، وموثق داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليهالسلام (الهبة والنحلة ما لم تقبض حتى يموت صاحبها قال : هو ميراث ، فإن كانت لصبي في حجره فأشهد عليه فإنه جائز) (٧) والجائز بمعنى اللازم كما عرفت.
الثاني : فيما لو كانت الهبة لذوي الرحم كما عليه المشهور للصحيحين المتقدمين.
وعن الشيخ في الخلاف وابن الجنيد والحلي في موضع من سرائره من جواز الرجوع لموثق داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليهالسلام (سألته هل لأحد أن يرجع في صدقة أو هبة؟ ـ
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام الهبات حديث ١.
(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب أحكام الهبات حديث ٢ و ١.
(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب أحكام الهبات حديث ٣ و ٤.
(٧) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب أحكام الهبات حديث ٢.