.................................................................................................
______________________________________________________
ـ والمناسب أن يبحث عنها تارة في صدق معنى البيع عليها وأخرى في شمول أدلة البيع ولزومه لها ولكن المشهور خصوصا المتقدمين لم يلتزموا بكونها بيعا فلذا بحثوا تارة في إفادتها الملك أو الإباحة ، وأخرى في أن الملك متزلزل أو لا ، وأن الإباحة موجبة للزوم أو لا ، وأن الإباحة تفيد جميع التصرفات أو بعضها إلى غير ذلك والحق أن المعاطاة بيع فتشمله أدلة البيع ولزومه وجريان جميع الخيارات فيه ، أما أنه بيع فللسيرة القطعية بين المتشرعة بل وللسيرة العقلائية القائمة على ترتيب أثار الملك من العتق والبيع والوطي والإيصاء والتوريث على المأخوذ بالمعاطاة ، وهذا كاشف عن أن المعاطاة عندهم بيع فيشملها قوله تعالى : (أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ) (١) ، وقوله تعالى : (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ) (٢) ، وقوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٣).
ودعوى أن هذه السيرة كسائر سيرهم ناشئة من قلة مبالاتهم بالدين وتسامحهم بشريعة سيد المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم مدفوعة بأن المدار على السيرة العقلائية غير المتوقفة على تأسيس من الشارع بل يكفي فيها عدم الردع عنها مع أنك قد عرفت إمضاءها بالآيات المتقدمة.
وقد استدل على انحصار إنشاء البيع باللفظ بالأخبار.
منها : خبر القاسم بن سلام بإسناد متصل إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (أنه نهى عن المنابذة والملامسة وبيع الحصاة) (٤) بدعوى أنه نهى عن إنشاء البيع بهذه الأفعال ولازمه حصر الإنشاء باللفظ ، وفيه : أنه نهي عن تعيين المبيع بهذه الأفعال فيكون النهي من ناحية جهالة المبيع وليس النهي عن إنشاء البيع بالفعل.
وخبر يحيى بن الحجاج عن خالد بن نجيح (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل يجيء فيقول : اشتر هذا الثوب وأربحك كذا وكذا ، قال : أليس إن شاء ترك وإن شاء أخذ؟ قلت : بلى ، قال : لا بأس به ، إنما يحلّ الكلام ويحرّم الكلام) (٥) وهو ظاهر في انحصار البيع باللفظ إلا أنه ضعيف السند فلا يمكن التمسك به في قبال السيرة القائمة. ـ
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٧٥.
(٢) سورة النساء ، الآية : ٢٩.
(٣) سورة المائدة ، الآية : ١.
(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب عقد البيع حديث ١٣.
(٥) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام العقود حديث ٤.