وهل تصير مع ذهاب العين بيعا ، أو معاوضة خاصة وجهان من حصرهم المعاوضات وليست أحدها (١) ، ومن اتفاقهم (٢) على أنها ليست بيعا بالألفاظ الدالة على التراضي (٣) فكيف تصير بيعا بالتلف.
ومقتضى المعاطاة أنها مفاعلة من الجانبين ، فلو وقعت بقبض أحد العوضين خاصة مع ضبط الآخر على وجه يرفع الجهالة ففي لحوق أحكامها نظر ، من عدم تحققها (٤). وحصول (٥) التراضي ، وهو اختياره في الدروس على تقدير دفع السلعة دون الثمن ، (ويشترط وقوعهما) أي الإيجاب والقبول (بلفظ الماضي) (٦)
______________________________________________________
(١) أي وليست المعاطاة واحدة من هذه المعارضات المعروفة فلا بد من الالتزام من أنها بيع ، لأن جعلها معاوضة مستقلة محتاج إلى دليل وهو مفقود.
(٢) دليل أنها معاوضة خاصة لاتفاقهم على أنها ليست بيعا حال وقوعها فكيف تصير بيعا بعد التلف ، ولكن قد عرفت أنها بيع من حين وقوعها ولا أدعي لهذه الأبحاث.
(٣) فضلا عن المعاطاة المجردة عن هذه الألفاظ والمتحققة بالأفعال فقط.
(٤) دليل عدم لحوق أحكام المعاطاة لعدم صدق المعاطاة ، لأنها مفاعلة من الجانبين وهنا لم يتحقق العطاء إلا من جانب واحد.
(٥) ودليل لحوق أحكام المعاطاة لصدق التراضي من الطرفين الذي هو قوام المعاطاة.
وفيه : إن المعاطاة حقيقة وإن كانت لا تتم إلا بالعطاء من الجانبين إلا أنها لم ترد في آية أو رواية ، وإنما وردت في كلمات الفقهاء وأرادوا بها إنشاء التمليك بالأفعال لا بالألفاظ ، وعليه فهي متحققة فيما لو دفع البائع العين بداعي إنشاء تمليكها بعوض وأخذ المشتري بداعي القبول ، وكذا تتحقق المعاطاة بتسليم العوض من المشتري فقط ويكون تعاطي في بيع السلف ، ومنه تعرف جريان التعاطي والمعاطاة في بعض المعاملات غير البيع العقدي كالهبة والعارية والوديعة ، بل تجري المعاطاة في كل العقود إلا إذا قام الدليل على اعتبار اللفظ فيه كالنكاح والطلاق والتحليل والعتق.
(٦) كما هو المشهور لأن الماضي صريح في الإنشاء بخلاف غيره من الأمر والمضارع ، فالأول استدعاء والثاني أشبه شيء بالوعد ، وأما الماضي فهو وإن احتمل الأخبار إلا أنه أقرب إلى الإنشاء حيث دل على وقوع مدلوله في الماضي ومع عدم قصد الأخبار به لا محالة يكون دالا على تحققه حاضرا.
وفيه : إن الماضي لا يكون صريحا في الإنشاء إلا مع القرينة كاحتياج المضارع إليها في مقام الإنشاء ، والفرق تحكم ومقتضى القواعد جواز الماضي والمضارع في إنشاء التمليك ـ