وسكوته ، وقيل هو من يخالف قوله الأصل ، أو الظاهر ،
(والمنكر مقابله) في
______________________________________________________
ـ والمنكر في قباله ، وهو المنسوب إلى المشهور.
وقيل : المدعي من يدعي خلاف الأصل والمنكر في قباله.
وقيل : المدعي من يدعي خلاف الظاهر بأن يذكر أمرا خفيا ، والمنكر في قباله ، وقد نسب هذان القولان إلى القيل في جملة من الكتب.
وقيل : إنه لا حقيقة شرعية للفظ المدعي فيرجع فيه إلى العرف كما في الجواهر ، وما تقدم من التعاريف إنما يراد به تمييزه بذكر شيء من خواصه وآثاره الغالبة عليه وهو الأقوى.
لكن المشهور على أن الخلاف بين الأقوال الثلاثة خلاف في معنى المدعي فهذه التعريفات قد تتفق وهو الأغلب كما لو ادعى زيد دينا في ذمة عمرو أو عينا في يده فأنكر الثاني ، فزيد مدع على الأول لأنه لو ترك الخصومة يترك ، وعلى الثاني لأنه يذكر خلاف الأصل ، لأن الأصل براءة ذمة عمرو من الدين وفراغ يده من حق الغير ، وعلى الثالث لأنه يذكر أمرا خفيا خلاف الظاهر ، إذ الظاهر براءة ذمة عمرو وفراغ يده من حق الغير.
وقد تختلف كما لو أسلم الزوجان قبل الدخول فقال الزوج : أسلمنا معا فالنكاح باق ، وقالت الزوجة : بل على التعاقب فلا نكاح ، فعلى الأول فالمرأة مدعية والزوج مدع لأنه لا يترك لو ترك فإنها تزعم انفساخ النكاح فعليه الحلف ويحكم بالاستمرار إذا حلف.
وكذا على الثاني فالمرأة مدعية لأن الأصل عدم تقدم أحدهما على الآخر ، وعلى الثالث فالزوج هو المدعي لأن التساوي الذي يزعمه أمر خفي على خلاف الظاهر فلو حلفت المرأة حكم بارتفاع النكاح.
هذا وقد عرفت أن التعاريف بصدد ذكر خواص المعرّف وآثاره وليست في مقام التحديد من مفهومه خصوصا بعد تعذر التعاريف الحقيقية إلا على علّام الغيوب ، وبعد عدم ثبوت الحقيقة الشرعية ولا بدية الرجوع إلى العرف هذا من جهة ومن جهة أخرى لو قيل إن المراد من الأصل هو الأصل العملي كالامارات المعتبرة من يد ونحوها والمراد من الظاهر هو الظاهر الشرعي فتتحد التعاريف الثلاثة بحسب المصاديق ولا اختلاف بينها كما هو واضح ، على أن تفسير الظاهر بالظاهر العرفي المعاش لا بالشرعي كما يستفاد من المثال المتقدم لا دليل عليه بوجه ، بل الدليل على خلافه لأن الظاهر الشرعي بنفسه دليل فلذا يطالب من يدعي عكسه بالبينة بخلاف العرفي المعاشي.
ومن جهة ثالثة تعرف الحكمة في جعل البينة على المدعي ، لأن قوله على خلاف الأدلة الشرعية من الأصول العملية والامارات المعتبرة فيطالب بالبينة لتجبر قوة البينة ضعف كلامه المدعى ، بخلاف المنكر فقوله موافق لهذه الأدلة فيكتفى مع قوة كلامه بالحجة الضعيفة وهي اليمين. ـ