ومعها الأصل (١)
وحيث عرف المدعي (٢) فادعى دعوى (٣) ملزمة معلومة (٤) جازمة (٥) قبلت
______________________________________________________
(١) فعلى تعريف الظاهر هي مدعية ، وعلى تعريف الأصل هو مدع ، وعلى التعريف الأول هي مدعية لأنها تترك لو تركت وقد تركه لوضوحه.
(٢) اعلم أنه يشترط فيه البلوغ والعقل لسلب عبارة الصبي والمجنون ، وأن يدعي لنفسه أو لمن له الولاية فلا تسمع دعواه مالا لغيره إلا أن يكون وليا أو وصيا أو وكيلا أو حاكما أو أمينا لحاكم لأصالة عدم وجوب الجواب لغيرهم ، وأن تكون دعواه ما يصح للمسلم تملكه فلا تسمع دعوى المسلم خمرا أو خنزيرا لعدم جواز تملكها ، بلا خلاف في هذه القيود الأربعة.
(٣) فلا بد من كونها صحيحة في نفسها فلا تسمع دعوى المحال عقلا أو عادة أو شرعا ، وهذا ما لم يذكره الشارح ، وأن تكون ملزمة للمدعى عليه وهو المعبر عنه باللازمة فلو ادعى هبة لم تسمع حتى يدعي الإقباض ، وكذا لو ادعى رهنا أو وقفا بناء على اعتبار القبض في صحة الأخيرين ، إذ لا حق له عليه بدون القبض بلا خلاف في هذه الشرط.
(٤) وأن تكون الدعوى معلومة ، كما عليه الشيخ وأبو الصلاح وابن زهرة وحمزة وإدريس والفاضل في تحريره وتذكرته والشهيد في الدروس كما لو ادعى فرسا أو ثوبا ولم يعيّن ، فلا تسمع لانتفاء فائدتها ، وإذ يتعذر حكم الحاكم بها حال كونها مجهولة فيما لو أجاب المدعى عليه بنعم.
وأشكل بأنه لا فرق بين الدعوى المجهولة والإقرار بشيء مجهول ، مع قبولهم للاقرار بالمجهول وإلزام المقرّ بالتفصيل وأجاب الشيخ عنه بما حاصله : أنه لو اشترطنا التفصيل في قبول الإقرار للزم الرجوع عن الإقرار في بعض الأحوال مع أنه قد تعلق حق الغير به ، فلذا يقبل الاقرار بالمجهول ويكلف المقرّ بالتفصيل ، بخلاف الدعوى فعدم سماع الدعوى المجهولة لا يذهب حق المدعي لأنه مضطر لفتح الدعوى مع التفصيل فيما بعد ، وفيه إنه فرق ظاهري لا يصلح لتأسيس الحكم وعن المحقق وجماعة القبول وإن كانت مجهولة لإطلاق الأدلة ، ولأن المدعي ربما يعلم حقه بوجه كمن يعلم بوجود فرسه أو ثوبه عند الغير ولا يعلم صفتهما فلو لم يجعل له ذريعة إلى الدعوى لبطل حقه ، وأما تعيين صفات المدعي فيه فيلزم الخصم ببيانه ويقبل تفسيره بمسمى المدعي ويحلف على نفي الزائد لو ادعى عليه.
(٥) فلا تسمع لو قال : أظن أو أتوهم لأن الدعوى يلزمها في بعض الصور الحكم باليمين المردودة على المدعي أو بنكول المدعى عليه عن الحلف وهما غير ممكنين مع عدم الجزم بالدعوى من المدعي ، ولذا كان الجزم هو المعهود من الدعوى فلا تشمل الظن أو الوهم.