إن حلف المنكر ، أو أقر ، أو نكل وقضينا به (١) ، وإلا وقفت الدعوى. إذا تقرر ذلك فإذا ادعى دعوى مسموعة طولب المدعى عليه بالجواب.
(وجواب المدعى عليه (٢) إما إقرار) بالحق المدعى به أجمع ، (أو إنكار) له أجمع ، أو مركب منهما فيلزمه حكمهما ، (أو سكوت) وجعل السكوت جوابا مجاز شائع في الاستعمال فكثيرا ما يقال : ترك الجواب جواب المقال (٣) ، (فالإقرار يمضي) (٤) على المقر (مع الكمال) أي كمال المقر على وجه يسمع إقراره بالبلوغ ، والعقل مطلقا (٥) ، ورفع الحجر فيما يمتنع نفوذه به ، وسيأتي تفصيله ، فإن التمس المدعي حينئذ (٦) الحكم حكم عليه (٧) فيقول : ألزمتك ذلك ، أو قضيت عليك به.
______________________________________________________
(١) أي بنكول المنكر كما سيأتي.
(٢) أي ما يصدر منه حال الدعوى إما إقرار أو إنكار أو سكوت ولكل حكم وسيأتي إن شاء الله تعالى ، والسكوت قد اعتبر جوابا لأنه إذا أصر عليه المدعى عليه أعتبر نكولا فيردّ اليمين على المدعي ويحكم الحاكم به فيكون السكوت في حكم الإنكار حينئذ.
(٣) هذا من الناحية اللغوية ، وأما من الناحية الشرعية فقد عرفت أنه بحكم الإنكار مع الاصرار عليه.
(٤) لا خلاف في إن الاقرار نافذ إذا صدر من أهله المستجمع لشرائط صحته كما سيأتي تفصيله في بابه ، والاقرار يمضي هنا سواء حكم الحاكم به أو لا بخلاف البينة ، لأن البينة منوطة باجتهاد الحاكم في قبولها وردها بخلاف الاقرار الصادر من أهله فإنه نافذ على المقر على كل حال كما عن المسالك وجماعة ، وفيه : إنه لا فرق بينهما في الاحتياج لحكم الحاكم في مقام فصل النزاع وقطعه ، كما أنه لا فرق بينهما في ثبوت الحق للمدعي إذا قامت البينة على ذلك أو أقر الخصم ، نعم هناك فرق غير فارق إذ الاقرار خفيف المئونة بل معدومها إذ يثبت من دون احتياج إلى إعمال اجتهاد الحاكم لأن حجيته معلومة ودلالة ألفاظه واضحة عرفا بخلاف البينة فيحتاج تحققها إلى اجتهادات من الحاكم غالبا ، نعم بعد تحققها عند الحاكم فلا فرق بينها وبين الاقرار في الاحتياج إلى حكم الحاكم في فصل الخصومة ولعله إلى هذا يرجع كلام الشارح في المسالك ، وإن كان بعيدا عن ظاهر كلامه.
(٥) وإن كان مجنونا بجنون أدواري لكن قد صدر إقراره حال تعقله.
(٦) أي حين الاقرار.
(٧) كما عليه الشيخ في المبسوط لأن الحكم به عليه حق للمدعي فلا يستوفى إلا بأمره ، وغيره على العدم لأنه من وظائف القاضي ، وحال المدعي من إحضار المدعى عليه ـ