لأنّه خزم نور آبائه فلم يزل كذلك حتى تزوج «بنت طابخة» فأولدها «كنانة».
فتزوّج كنانة بامرأة يقال لها «الحافة» فأولدها «النضر» وإنمّا سمّي النضر لأن الله سبحانه وتعالى اختاره وألبسه نضرة وسمّي النضر قريشا فكلّ من ولده النضر قرشي وهو الذي قال رأيت كأنّما خرجت من ظهري شجرة خضراء حتى بلغت عنان السماء وأن أغصانها نور في نور فلما انتبهت أتيت الكعبة وأخبرت من فيها بذلك فقالوا ان صدقت رؤياك صرف إليك العزّ والكرم وخصصت بالحسب والسؤدد.
فأعطاه الله ذلك ونظر الله تبارك وتعالى نظرة الى الأرض فقال للملائكة : انظروا من أكرم أهل الأرض اليوم عندي وأنا أعلم وأحكم؟.
فقالت الملائكة : ربّنا وسيّدنا ما نرى أحدا يذكرك بالوحدانية مخلصا إلّا نورا واحدا في ظهر رجل من ولد اسماعيل.
قال : فقال الله : اشهدوا اني قد اخترته لنطفة حبيبي محمّد صلّى الله عليه وآله.
قال : فانبسط له بالعزّ والشرف حتى ولد له «مالك» وإنمّا سمّي مالكا لأنّه ملك العرب فأوصى الى ابنه «فهر» وأوصى فهر إلى ابنه «غالب» وأوصى غالب إلى ابنه «لؤي» وأوصى لؤي الى ابنه «كعب» وأوصى كعب إلى «مرّة» وأوصى مرّة إلى «كلاب» وأوصى كلاب الى «قصي» وأوصى قصي الى «عبد مناف» لأنّه أناف علا الناس وعلا فضرب الى الركبان من أطراف الأرض فأول ولد ولد له هاشم ، وإنمّا سمّي هاشما لأنّه أوّل من هشم الثريد لقومه وكان الناس في جدب شديد ومحل من الزمان وكانت مائدته منصوبة وكان يحمل ابناء السبيل ويؤمن الخائفين وكانت صفته وحليته على حلية اسماعيل عليه السّلام.
فلما خصّ الله عز وجل هاشما بالنور واصطفاه على العرب وفضّله على ساير قريش قال للملائكة اشهدوا انّي قد طهّرت عبدي هذا من دنس الآدميين وأحدثت نطفة محمّد في ظهره.
وكان يرى على وجهه كالهلال والكوكب الذي يتوقّد شعاعه ، لا يمر بشيء إلّا سجد له ، ولا يمر بأحد من الناس إلّا أقبل نحوه ، تفد إليه قبائل العرب وملوك الروم ووفود