الدّنيا من الأحياء ، ويحملون إليه بناتهم يعرضونهن عليه ، وكان يأبى ويقول : لا والذي فضّلني على أهل زماني لا تزوجت إلّا بأطهر نساء العالمين.
قال : فلم يزل كذلك حتى رأى في المنام أن يتزوّج بسلمى بنت زيد بن عمرو بن لبيد ابن خراش بن عدنان فتزوجها وكانت كخديجة بنت خويلد في زمن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وكان لها عقل ويسار وحلم فواقعها فولدت له عبد المطلب وكان هاشم خطب خطبته المعروفة بالمنذرة.
روى هارون عن زكريا الهجري عن أبي جميل البحراني باسناد له رفعه الى علي بن جعفر الصادق عليه السّلام قال سمعت أخي موسى ـ عليه السّلام وعلى آبائه ـ يقول : رأى اعرابي رؤيا لهاشم بن عبد مناف فقصّها عليه ، فقال له هاشم : سل اعطك.
قال : تجيد حلّتي وتسدّ خلّتي وتحمل وجلتي.
قال : فأمر له بناقة حمراء دريرة يتبعها من نتاجها خمسة أبطن كلّها منتج فأمر له بمائة نعجة شحمة حلوب وكساه من حلل صنعاء وعدن وقال له : لئن أخرني الله الى كون لأجعلنك سيّد العرب.
فلما كان الليل رأى هاشم في منامه كأنّه رفع إليه لواء فركزه على باب داره وكأن شهاب نار خرج من ظهره أضاءت له الدّنيا ولم يبق شيء من الجن والانس والطير والوحوش إلّا صار تحت ذلك اللواء حتى نطحت الشاة الذئب ونبح الكلب الأسد وورد ذلك الجمع كلّه شربا واحدا وسمع هاتفا يقول : يا أبا نضلة هذا بيت شعر يكتب بسطر منفرد :
على رغم آناف الذين تحزّبوا |
|
سيظهر محمود وينصر ناصره. |
فلما أصبح هاشم أمر مناديا فنادى في شعاب مكّة : يا معشر أولاد النضر بن كنانة ومن سكن بمكّة من قبايل مكّة لا يتخلفن أحد عن ندائي.
فلما اجتمع الناس وأوفت الركبان من كل مكان خرج عليهم وقد نصب له منبره المركز فجلس عليه ساكتا لا يتكلّم فقالت قريش يا أبا نضلة لأمر كان نداؤك فانبه فلقد ضاقت منه الصدور.