يكن يظن من قريش أعداء لمحمّد صلىاللهعليهوسلم منا مضرّة ، فكنت أوضع مع قريش في كلّ وجهة حتى كان عام الفتح ، ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى حنين ، فخرجت مع قومي من قريش ، وهم على دينهم بعد ، ونحن نريد إن كانت دائرة على محمّد صلىاللهعليهوسلم أن نعين عليه ، فلم يمكنا ذلك ، فلما صار بالجعرانة (١) فو الله إنّي لعلى ما أنا عليه ، إن شعرت إلّا برسول الله صلىاللهعليهوسلم يلقاني كفة [كفة](٢) فقال : «النّضير؟» قلت : لبيك ، قال : «هذا خير مما أردت يوم حنين مما حال الله بينك وبينه» قال : فأقبلت إليه سريعا ، فقال : «قد أنى لك أن تبصر ما أنت فيه موضع» (٣) قلت : قد أرى أنه لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئا ، إنّي أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «[اللهم](٤) زده بيانا» وفي نسختين : ثباتا قال النّضير : فو الذي بعثه بالحق لكأن قلبي حجر ثباتا في الدين ، وبصيرة في الحق ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الحمد لله الذي هداك» فقال النّضير : فو الله ما أنعم الله على أحد نعمة أفضل مما أنعم به عليّ حيث لم أمت على ما مات عليه قومي ، قال : ثم انصرف إلى منزله ونحن معه ، فلمّا دخل رجعت إلى منزلي ، فما شعرت [إلّا](٥) برجل من بين الديل يقول : يا أبا الحارث ، قلت : ما تشاء؟ قال : قد أمر لك رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمائة بعير ، فآخذني منها فإنّي على دين محمّد صلىاللهعليهوسلم ، قال النّضير : فأردت أن لا آخذها وقلت : ما هذا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلّا تألّفا لي ، ما أريد أرتشي على الإسلام ، ثم قلت : والله ما طلبتها ولا سألتها وهي عطية من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقبضتها ، [فأعطيت](٦) الديلي منها عشرا ، ثم خرجت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجلست معه في مجلسه وسألته عن فرض الصلوات ومواقيتها ، وعن شرائع الإسلام ، ثم قلت : أي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بأبي أنت وأمي ، والله لأنت أحبّ إليّ من نفسي ، فأرشدني أيّ الأعمال أحبّ إلى الله؟ قال : «الجهاد في سبيل الله ، والنفقة فيه» [١٢٧٢٢].
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر لمخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكّار ، قال (٧) : ومن ولد كلدة بن عبد مناف :
__________________
(١) الجعرانة ماء بين الطائف ومكة ، وهو إلى مكة أقرب (راجع معجم البلدان).
(٢) بالأصل : «يلقا كفه» والمثبت والزيادة عن «ز» ، وم.
(٣) الموضع : يقال الراكب الموضع في الفتنة هو المسرع فيها (راجع اللسان).
(٤) زيادة لازمة عن «ز» ، وسقطت اللفظة من الأصل وم.
(٥) سقطت من الأصل واستدركت عن م و «ز».
(٦) سقطت من الأصل واستدركت عن م و «ز».
(٧) نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٢٥٥.