بين يديه ، وأخذ بيده وقال : إنّ ابن أمك زياد أرسلني إليك يقرئك السلام ، وقد بلغه الذي نزل بك من قضاء الله ، فأحب أن يحدث بك عهدا ، وأن يسلم عليك ، ويفارقك عن رضا ، فقال : أبلغه أنت عني؟ قال : نعم ، قال : فإنّي أحرج عليه أن يدخل [لي](١) بيتا (٢) ويحضر لي جنازة ، قال : لم؟ يرحمك الله ، وقد كان لك معظما ، ولبنيك واصلا؟ قال : في ذلك غضبت عليه ، قال : ففي خاصة نفسك ما علمته إلّا مجتهدا؟ قال : فأجلسوني ، قال : فأجلس ، فقال : نشدتك بالله لما حدثتني عن أهل النهر أكانوا مجتهدين؟ قال : نعم ، قال : فأصابوا أم أخطئوا؟ قال : هو ذاك ، ثم قال : أضجعوني ، فرجع أنس إلى زياد ، فأبلغه ، فركب [من] مكانه متوجها إلى الكوفة ، فتوفي وهو بالجلحاء (٣) ، فقدّم بنوه أبا برزة فصلّى عليه.
أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو علي بن أبي نصر ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا أبي ، نا مسلم بن عيسى ، نا الجارود بن يزيد ، نا الحسن بن دينار ، عن الحسن قال (٤) :
لما حضرت أبا بكرة الوفاة قال : اكتبوا وصيتي ، فكتب الكاتب : هذا ما أوصى به نفيع الحبشي مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو يشهد أن الله ربّه ، وأن محمّدا صلىاللهعليهوسلم نبيّه ، وأن الإسلام دينه ، وأن الكعبة قبلته ، وأنه يرجو من الله ما يرجوه المعترفون بتوحيده ، المقرّون بربوبيته ، الموقنون بوعده ووعيده ، الخائفون لعذابه ، المشفقون من عقابه ، المؤملون لرحمته ، أنه أرحم الراحمين.
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة [أنا](٥) أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر الطبري ، قالا : أخبرنا أبو الحسين ابن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، حدّثني أحمد بن الخليل ، نا الفضل بن دكين ، نا الحسن بن صالح ، عن أبيه عن الشعبي قال : قال أبو بكرة لابنته عند موته : اندبيني ابن مسروح الحبشي.
__________________
(١) سقطت من الأصل وم واستدركت عن «ز» ، وتاريخ بغداد.
(٢) الأصل وم : شيئا ، والمثبت عن «ز» ، وتاريخ بغداد.
(٣) الجلحاء موضع على ستة أميال من الغوير المعروف بالزبيدية بين العقبة والقاع (معجم البلدان).
(٤) الوصية الكتاب في تهذيب الكمال ١٩ / ١٥١.
(٥) سقطت من الأصل ، ومكانها بياض في م ، والزيادة عن «ز».