ما مثلي يغار عليه ، إنّي شيخ كبير ، وما مثلك يغار وأنك لعجوز كبيرة ، وما أحد أكرم عليّ منك ، ولا أوجب حقا ، فجوّزي هذا الأمر ولا تكدّريه عليّ ، فرضيت وقرّت ، ثم قال لها بعد ذلك : هل لك أن أجمع إليك زوجتي الجديدة. فهو أصلح لذات البين وألمّ لشعث (١) وأبعد لشماتة؟ فقالت : نعم ، افعل ، فأعطاها دينارا وقال لها : إنّي أكره أن ترى به خصاصة ، أن يفضل عليك ، فاعملي لها إذا أصبحت عندك غداء بهذا الدينار ، ثم أتى زوجته الجديدة ، فقال : إنّي قد أردت أن أجمعك إلى أم محجن غداف وهي مكرمتك ، وأكره أن تفضل عليك أم محجن فخذي هذا الدينار فأهدي لها به إذا أصبحت عندها غدا لئلا ترى بك خصاصة ، ولا تذكري الدينار إليها ، ثم أتى صاحبا له يستصحبه فقال : إنّي أريد أن أجمع بين زوجتي الجديدة إلى أم محجن غدا فائتني مسلّما وإنّي سأستجلسك [للغداء ، فإذا تقدمت فسلني عن أحبهما إليّ ، فإني سأنفر وأعظم ذلك وآبى أن أخبرك](٢) فإذا أبيت ذلك فاحلف عليّ ، فلمّا كان الغد زارت زوجته الجديدة أم محجن ومرّ به صديقه فاستجلسه ، فلما تغديا أقبل الرجل عليه فقال : يا أبا محجن ، أحبّ أن تخبرني عن أحبّ زوجتيك إليك ، فقال : سبحان الله ، أتسألني عن هذا وهما (٣) تسمعان؟ ما سأل عن مثل هذا أحد ، [قال :](٤) فإنّي أقسم عليك لتخبرني ، فو الله لا أعذرك ولا أقبل إلّا ذاك ، قال : أما إذا فعلت ، فأحبهما إليّ صاحبة الدينار ، والله لا أزيدك على هذا شيئا ، فأعرضت كلّ واحدة منهما تضحك ونفسها مسرورة ، وهي تظن أنه عناها بذلك القول.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أخبرنا أبو محمّد بن أبي نصر ، نا أبو الميمون بن راشد ، نا وزير (٥) بن محمّد ، نا محمّد بن عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثني منجوف بن حبر قال :
مررت بدار الزبير فإذا مولى لهم يكنى أبا ريحانة ، وكان يخضب بالحناء والكتم ، فسلمت عليه وجلست إليه ، فمرّت به جارية وعلى ظهرها قربة ، فقام إليها الشيخ وقال (٦)
__________________
(١) في «ز» : وألمّ للشعث وأبعد للشماتة.
(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك لإيضاح المعنى عن «ز».
(٣) الأصل : وهم يسمعان ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(٤) سقطت من الأصل وم ، واستدركت على هامش «ز».
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : وزيرة بن محمد.
(٦) كذا بالأصل ، والجملة مضطربة ، فثمة سقط في الكلام ، والعبارة في «ز» مضطربة أيضا وفيها : فقام إليها الشيخ وقا ...؟؟؟ ى جمعه عسر بأبيات نصيب. وفي المختصر : «فقام إليها الشيخ وقال : غسنني بأبيات نصيب» فيرتفع الاضطراب ويسلم المعنى.