٤ ـ أحمد: أمه أم ولد وكانت من السيدات المحترمات تدعى «أم أحمد» وكان الامام الكاظم عليهالسلام شديد التلطف بها، ولما توجه من المدينة إلى بغداد أودع عندها مواريث الامامة وقال لها: كل من جاءك وطلب منك هذه الأمانة في أي وقت من الأوقات فاعلمي بأني قد استشهدت وانه هو الخليفة من بعدي والامام المفترض الطاعة عليك وعلى سائر الناس وأمر ابنه الرضا عليهالسلام بحفظ الدار، ولما سمه الرشيد في بغداد، جاء اليها الامام الرضا عليهالسلام فطالبها بالأمانة، فقالت له أم أحمد: لقد استشهد والد فقال بلى والآن فرغت من دفنه فاعطيني الأمانة التي سلَّمها إليك أبي حين خروجه إلى بغداد وأنا خليفته والإمام الحق على جميع الأنس والجن فشقّت أم أحمد جيبها وردت عليه الأمانة وبايعته بالأمامة(١).
وكان أحمد من عيون المتقين والصالحين، وقد أعتق ألف مملوك متقرباً بها إلى الله تعالى.
ومما يدلُّ على صلاحه وورعه أنه لما شاع خبر وفاة الامام موسى في المدينة اجتمع أهلها على باب «أم أحمد» وخرج الناس ومعهم أحمد وقد ظنوا أنه الامام من بعد أبيه وذلك لما عليه من الجلاة ووفور العبادة وإظهار تعاليم الإسلام فظنوا أنه هو الخليفة والإمام بعد أبيه فبايعوه بالإمامة فأخذ منهم البيعة. وصعد المنبر وخطب الناس خطبة بليغة وكان منها: «أيها الناس، كما أنكم جميعاً في بيعتي فاني في بيعة أخي علي بن موسى الرضا عليهالسلام وأعلموا أنه الامام والخليفة من بعد أبي وهو ولي الله، والفرض عليَّ وعليكم من الله والرسول طاعته بكل ما يأمرنا، فكل من كان حاضراً فخضع لكلامه، وخرجوا من المسجد يقدمهم أحمد وحضروا عند الامام الرضا عليهالسلام فأقروا بامامته(٢).
والمشهور انه توفي في شيراز أيام المأمون بعد وفاة أخيه علي الرضا(٣).
_________________________
(١) حياة موسى بن جعفر للقرشي: ٢ / ٤١٠ نقلاً عن تحفة العالم: ٢ / ٨٧.
(٢) نفس المصدر السابق: ٢ / ٤١١.
(٣) الكنى والألقاب: ٢ / ٣١٧.