٢ ـ الحقد والغيرة: إنَّ دأبَ الطغاة في كل عصر هو احتكار أسباب العظمة والتعالي لذواتهم، فتستعر نفوسهم غيرةً وحقداً على كل شخصية مرموقةٍ في المجتمع تتميّز برجاحة العلم والحلم والزهد والكرم الشجاعة وغيرها.
ومن أوضح الأمثلة على غيرة هارون اللئيم من الإمام الكاظم عليهالسلام في موقف افتخر فيه الامام عليهالسلام على هارون حين جاء مكة حاجاً، فأتى قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم زائراً له وحوله قريش وأفياء القبائل ومعه موسى بن جعفر عليهالسلام، فلما انتهى إلى القبر قال: «السلام عليك يا رسول الله يا بن عمي، افتخاراً على مَنْ حوله، لأنه كان في مقام استعراض لذلك يريد التضليل على الناس بالايحاء بأنه أقربهم إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وبذلك فهو أحق بالخلافة.
فدنا موسى بن جعفر عليهالسلام فقال: السلام عليك يا أبة، أسألكُ الله الذي اصطفاك واجتباك وهداك وهدى أن يصلّي عليك فتغيّر وجه هارون وتبيَّن فيه الغضب، وقال: هذا الفخر يا أباالحسن حقاً، ولم يحتملها هارون، فلم يزل ذلك في نفسه حتى استدعاه وسجنه فأطال سجنه، فلم يخرج إلّا ميتاً مقيداً مسموماً»(١).
٣ ـ الوشاية: ومن الذين وشوا بالإمام هو محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليهالسلام وفي هذه الرواية أن محمد بن إسماعيل بن جعفر استأذن الإمام الكاظم عليهالسلام في الخروج إلى العراق فأذن له، وقال له: «أوصيك أن تتقي الله في دمي، فقال: لعن الله من يعسى في دمك، ثم ناوله أبو الحسن عليهالسلام (٤٥٠) ديناراً فقبضها محمد، ثم أمر لف بألف وخمسمائة درهم كانت عنده، فقلت له في ذلك واستكثرته، فقال هذا ليكون أوكد لحجتي إذا قطعني ووصلته. قال: فخرج إلى العراق واستأذن على هارون فأمر بدخوله، وقال يا أمير المؤمنين، خليفتان في الأرض موسى بن جعفر بالمدينة يُجبى له الخراج، وأنت بالعراق يُجبى لك
_________________________
(١) تاريخ بغداد: ١٣ / ٣١.