فقلت له : قد كنت اليوم أنا وجعفر بن مكي الشاعر نتجاذب هذا الحديث.
فقال جعفر : لم ينصر رسول الله صلىاللهعليهوآله أحد نصرة أبي طالب وبنيه له ، أمّا أبو طالب فكفّله وربّاه ، ثم حمّاه من قريش عند إظهار الدعوة ، بعد إصفاقهم وإطباقهم على قتله ، وأمّا ابنه جعفر فهاجر بجماعة من المسلمين إلى أرض الحبشة ، فنشر دعوته بها ، وأمّا عليّ فإنّه أقام عماد الملّة بالمدينة ، ثم لم يمن أحد من القتل والهوان والتشريد بما مني به بنو أبي طالب ، أما جعفر فقتل يوم مؤتة ، وأمّا علي فقتل بالكوفة بعد أن شرب نقيع الحنظل ، وتمنّىٰ الموت ، ولو تأخّر قتل إبن ملجم له لمات أسفاً وكمدا ، ثم قتل إبناه بالسمّ والسيف ، وقتل بنوه الباقون مع أخيهم بالطف ، وحملت نساؤهم على الأقتاب سبايا إلىٰ الشام ، ولقيت ذريّتهم وأخلافهم بعد ذلك من القتل والصلب والتشريد في البلاد والهوان والحبس والضرب ما لا يحيط بالوصف بكنهه ، فأيّ خير أصاب هذا البيت من نصرته ، ومحبّته وتعظيمه بالقول والفعل (١)؟.
* * *
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد : ج ٧ ، ص ١٧٤ ـ ١٧٥.