(وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلٰامُ) (١)
إِبْتَعَثَهُ بِالنُّورِ الْمُضِىءِ ، وَالْبُرْهٰانِ الْجَلِىَّ ، وَالْمِنْهٰاجِ الْبٰادِى ، وَالْكِتٰابِ الْهٰادِى. أُسْرَتُهُ خَيْرُ أُسْرَةٍ ، وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ شَجَرَةٍ. أَغصٰانُهٰا مُعْتَدِلَةٌ ، وَثِمٰارُهٰا مُتَهَدِّلَةٌ. مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ ، وَهِجْرَتُهُ بِطَيْبَةَ. عَلٰا بِهٰا ذِكْرُهُ ، وَامْتَدَّ مِنْهٰا صَوْتُهُ. أَرْسَلَهُ بِحُجَّةٍ كٰافِيَةٍ ، وَمَوْعِظَةٍ شٰافِيَةٍ ، وَدَعْوَةٍ مُتَلٰافِيَةٍ. أَظْهَرَ بِهِ الشَّرٰائِعَ الْمَجْهُولَةَ ، وَقَمَعَ بِهِ الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ ، وَبَيَّنَ بِهِ الْأَحْكٰامَ الْمَفْصُولَةَ. فَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلٰامِ دِينًا تَتَحَقَّقْ شِقْوَتُهُ ، وَتَنْفَصِمْ عُرْوَتُهُ ، وَتَعْظُمْ كَبْوَتُهُ ، وَيَكُنْ مَاٰبُهُ إِلَى الْحُزْنِ الطَّوِيلِ ، وَالْعَذٰابِ الْوَبِيلِ.
قوله عليهالسلام : «إِبْتَعَثَهُ بِالنُّورِ الْمُضِىءِ» أي نور النبوّة ، أوالقرآن كما يشهد عليه قوله تعالى : «فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (٢).
قوله عليهالسلام : «وَالْبُرْهٰانِ الْجَلِىَّ» أي المعجزات الباهرات ، والآيات الواضحات الدّالة على نبوته ، قال الله عزّوجلّ : «قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا» (٣).
قوله عليهالسلام : «وَالْمِنْهٰاجِ الْبٰادِى» أي الطريق والمسلك الواضح الظاهر وهو شريعته ودينه الواضح ، قال الله : «قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» (٤).
قوله عليهالسلام : «وَالْكِتٰابِ الْهٰادِى» أي القرآن الذي يهدي إلى التقوى وطريق الجنّة ، قال الله تعالى : «ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ» (٥) وقال : «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ص ٢٢٩ ، الخطبة ١٦١.
٢ ـ الأعراف : ١٥٧.
٣ ـ النساء : ١٧٤.
٤ ـ البقرة : ٢٥٦.
٥ ـ البقرة : ٢.