(وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلٰامُ) (١)
حَتّىٰ أَوْرىٰ قَبَسًا لِقٰابِسٍ ، وَأَنٰارَ عَلَمًا لِحٰابِسٍ. فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ ، وَشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ ، وَبَعِثُكَ نِعْمَةً ، وَرَسُولُكَ بِالْحَقِّ رَحْمَةً. اللّٰهُمَّ اقْسِمْ لَهُ مَقْسَماً مِنْ عَدْلِكَ ، وَاجْزِهِ مُضٰاعَفٰاتِ الْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ. اللّٰهُمَّ أَعْلِ عَلىٰ بِنٰاءِ الْبٰانِينَ بِنٰاءَهُ ، وَاكْرِمْ لَدَيْكَ نُزُلَهُ ، وَشَرِّفْ عِنْدَكَ مَنْزِلَتَهُ ، وَاٰتِهِ الْوَسِيلَةَ ، وَأَعْطِهِ السَّنٰاءَ وَالْفَضِيلَةَ؛ وَاحْشُرْنٰا فِى زُمْرَتِهِ غَيْرَ خَزٰايٰا ، وَلٰا نٰادِمِينَ ، وَلٰا نٰاكِبِينَ ، وَلٰا نٰاكِثِينَ وَلٰا ضٰالِّينَ ، وَلٰا مُضِلِّينَ ، وَلٰا مَفْتُونِينَ.
قوله عليهالسلام : «حَتّىٰ أَوْرىٰ قَبَسًا لِقٰابِسٍ» ورىٰ الزند : خرجت ناره ، والزند الواري : الذي تظهر ناره سريعاً (٢).
القبس : الشعلة من النّار ، وإقتباسُها : الأخذ منها. أي أظهر نوراً من الحقّ لطالبه. والقابس : طالب النّار. قاله الجزري (٣).
قوله عليهالسلام : «وَأَنٰارَ عَلَمًا لِحٰابِسٍ» الحابس : أي الذي حبس ناقته ، ووقف لا يدري كيف يهتدى المنهج ويسلك طريق النجاة؟ والمراد أنّه صلىاللهعليهوآله يوقد على الحابس النّار ويستنار له الطريق لكي يهتدي به الضال المتحيّر.
قوله عليهالسلام : «فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ» الأمين : فعيل من الأمانة ، فهو إمّا بمعنى مفعول : أي مأمون من أمنه ـ كعلمه ـ إذا إستأمنه ، فهو صلىاللهعليهوآله مأمون على ما أوحىٰ إليه من الكتاب الكريم وشرايع الدين القويم من التحريف والتغيير في ما اُمر بتبليغه لمكان العصمة الموجدة فيه. أو بمعنى فاعل من
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ص ١٥٣ ـ ١٥٤ ، الخطبة ١٠٦.
٢ ـ لسان العرب : ج ١٥ ، ص ٣٨٩.
٣ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ٤ ، ص ٤ ، مادة «قبس».