(وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلٰامُ) (١)
إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ وَسَلَّمَ نَذِيرًا لِلْعٰالَمِينَ ، وَأَمِينًا عَلَىٰ التَّنْزِيلِ. وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ عَلى شَرِّ دِينٍ وَفِى شَرِّ دٰارٍ ، مُنِيخُونَ بَيْنَ حِجٰارَةٍ خُشْنٍ وَحَيّٰاتٍ صُمٍّ. تَشْرَبُونَ الْكَدِرَ ، وَتأْكُلُونَ الْجَشِبَ ، وَتَسْفِكُونَ دِمٰاءَكُمْ, وَتَقْطَعُونَ أَرْحٰامَكُمْ. الْأَصْنٰامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ ، وَالْاٰثامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ.
قوله عليهالسلام : «إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَالِٰهِ وَسَلَّمَ نَذِيرًا لِلْعٰالَمِينَ» اُمر الرسول صلىاللهعليهوآله بجمل الرسالة وتبليغ كلمة الله ، والدعوة إلى توحيده وعبادته وإصلاح البشريّة وإنقاذها من الظلم والكفر والفساد والخرافة بقوله تعالى : «قُمْ فَأَنذِرْ» (٢) فانطلق مستجيباً لأمر الله ، يبشّر بالإسلام ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولمّا كانت دعوته عامّة وشاملة لجميع البشر قال عليهالسلام : «نذيراً للعالمين» وتنبيهاً للإنسانيّة على الغفلة بما ورد من الإنذارات في القرآن الكريم.
قوله عليهالسلام : «وَأَمِينًا عَلَى التَّنْزِيلِ» الأمين : فعيل من الأمانة : فهو إما بمعنى مفعول : أي مأمون من أمنه كعلمه إذا إستأمنه ، أو بمعنى فاعل من أمن هو ككرم فهو أمين أي غير خائن بما أوحى إليه من القرآن الكريم ولا مبدّل لكلماته وأنّه غير مقصّر في تبليغ آياته وأحكامه ، إذ من شأن الأمين قوّته على ضبط ما يستأمن عليه ، وإستعداده له وحفظه وصيانته عن التلف والأدناس والتبديل والزيادة والنقصان ولهذا
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ص ٦٨ ، الخطبة ٢٦.
٢ ـ المدثر : ٢.