(وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلٰامُ) (١)
أَمّٰا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحٰانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتٰاباً ، وَلٰا يَدَّعِى نُبُوَّةً وَلٰا وَحْيًا. فَقٰاتَلَ بِمَنْ أَطٰاعَهُ مَنْ عَصٰاهُ ، يَسُوقُهُمْ إِلىٰ مَنْجٰاتِهِمْ ، وَيُبٰادِرُ بِهِمُ السّٰاعَةَ أَنْ تَنْزِلَ بِهِمْ ، يَحْسَرُ الْحَسِيرُ ، وَيَقِفُ الكَسِيرُ ، فَيُقِيمُ عَلَيْهِ حَتّىٰ يُلْحِقَهُ غٰايَتَهُ ، إِلّٰا هٰالِكًا لٰا خَيْرَ فِيهِ ، حَتّىٰ أَرٰاهُمْ مَنْجٰاتَهُمْ ، وَبَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ ، فَاسْتَدٰارَتْ رَحٰاهُمْ ، وَاسْتَقٰامَتْ قَنٰاتُهُمْ.
قوله عليهالسلام : «أَمّٰا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحٰانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ» قال الله تعالى : «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ» (٢).
قوله عليهالسلام : «وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتٰاباً» لم تكن العرب لتعرف القراءة والكتابة وتدوين الأحداث الإجتماعيّة والسياسيّة والتاريخيّة وغير ذلك في زمن الجاهليّة بل كان الشعر والأخبار والقصص التي تروى شفاهة هي سجل العرب وديوان معارفهم وثقافتهم التاريخيّة ، فغالبية الناس آنذاك لم تكن لهم كتب يدرسونها والذي كان بأيديهم من التوراة والإنجيل لم يكن هو المنزل من السماء لمكان التحريف والتغيير الذي وقع فيهما كما يشهد له قوله تعالى : «وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ص ١٥٠ ، الخطبة ١٠٤.
٢ ـ الجمعة : ٢.