(وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلٰامُ) (١)
وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ : خٰاضَ إِلىٰ رِضْوٰانِ اللهِ كُلَّ غَمْرَةٍ ، وَتَجَرَّعَ فِيهِ كُلَّ غُصَّةٍ. وَقَدْ تَلَوَّنَ لَهُ الْأَدْنَوْنَ ، وَتَأَلَّبَ عَلَيْهِ الْأَقْصَوْنَ ، وَخَلَعَتْ إِلَيْهِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهٰا ، وَضَرَبَتْ إِلىٰ مُحٰارَبَتِهِ بُطُونَ رَوٰاحِلِهٰا ، حَتّىٰ أَنْزَلَتْ بِسٰاحَتِهِ عَدٰاوَتَهٰا مِنْ أَبْعَدِ الدّٰارِ ، وَأَسْحَقِ الْمَزٰارِ.
قوله عليهالسلام : «وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» قال الله تعالى : «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ» (٢).
قوله عليهالسلام : «خٰاضَ إِلىٰ رِضْوٰانِ اللهِ كُلَّ غَمْرَةٍ» أي تحمّل صلىاللهعليهوآله في سبيل الدعوة إلى الإسلام وتبليغ رسالته والوصول إلى رضوان الله كلّ مكروه وشدّة.
روى السروي عن زين العابدين عليهالسلام أن قريشاً اجتمعت إلى أبي طالب والنبيّ صلىاللهعليهوآله عنده فقالوا : نسألك من إبن أخيك النصف. قال : وما النصف منه؟.
قالوا : يكفّ عنّا ونكفّ عنه ، فلا يكلّمنا ولا نكلّمه ، ولا يقاتلنا ولا نقاتله ، ألا إنّ هذه الدعوة قد باعدت بين القلوب وزرعت الشحناء (٣) ، وأنبتت البغضاء ، فقال : يا إبن أخي أسمعت؟
قال : يا عمّ لو أنصفني بنو عمّي لأجابوا دعوتى وقبلوا نصيحتّى ، إنّ الله تعالى أمرني أن أدعو إلى دين الحنيفيّة ملّة إبراهيم ، فمن أجابنى فله
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ص ٣٠٧ ، الخطبة ١٩٤.
٢ ـ آل عمران : ١٤٤.
٣ ـ الشحناء : العداوة والبغضاء.