(وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلٰامُ) (١)
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَنَجِيبُهُ وَصَفْوَتُهُ لٰا يُؤٰزىٰ فَضْلُهُ ، وَلٰا يُجْبَرُ فَقْدُهُ. أَضٰاءَتْ بِهِ الْبِلٰادُ بَعْدَ الضَّلٰالَةِ الْمُظْلِمَةِ ، وَالْجَهٰالَةِ الْغٰالِبَةِ ، وَالْجَفْوَةِ الْجٰافِيَةِ. وَالنّٰاسُ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيمَ ، وَيَسْتَذِلُّونَ الْحَكِيمَ ، يَحْيَوْنَ عَلىٰ فَتْرَةٍ وَيَمُوتُونَ عَلىٰ كَفْرَةٍ.
قوله عليهالسلام : «وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» قال الله تعالى : «مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ» (٢).
قوله عليهالسلام : «وَنَجِيبُهُ وَصَفْوَتُهُ» النجيب : الكريم ، والنفيس في نوعه ، فعيل بمعنى فاعل ، من نجُبَ ـ كَكرُمَ ـ نجابة ، ويحتمل أن يكون بمعنى المفعول : أي اللّباب الخالص ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله كريم النسب ، ولد في بيت من أرفع بيوت العرب شأناً وجلالة وأعلاها مجداً وشرفاً ، وأكثرها عزّة ومنعة ، وأكرمها نسباً وهو بذات نفسه ممتاز عن سائر شباب قريش ، بشرف نفسه وكمال خلقه ، ولقد. أجاد جعفر بن أبي طالب عليهالسلام في حديثه مع النجاشي : قائلاً إنّ الله بعث فينا رسولاً منّا نعرف نسبه وصفته ومدخله ومخرجه وصدقه وأمانته (٣).
وروى الطبري في تفسيره : عن سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام في قوله : «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ» (٤) قال : لم يصبه شيئ من ولادة الجاهليّة قال : وقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّي خرجت من نكاح ، ولم
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ص ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، الخطبة ١٥١.
٢ ـ الأحزاب : ٤٠.
٣ ـ تفسير القرآن العظيم لإبن كثير : ج ٢ ، ص ٣٤٨ ، ص ٥٦.
٤ ـ التوبة : ١٢٨.