(وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلٰامُ) (١)
فَبَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ ٰٰادَهُ مِنْ عِبٰادَةِ الْأَوْثٰانِ إِلىٰ عِبٰادَتِهِ ، وَمِنْ طٰاعَةِ الشَّيْطٰانِ إِلىٰ طٰاعَتِهِ ، بِقُرْاٰنٍ قَدْ بَيَّنَهُ وَأَحْكَمَهُ لِيَعْلَمَ الْعِبٰادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ ، وَلِيُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ ، وَلِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ. فَتَجَلّىٰ لَهُمْ سُبْحٰانَهُ فِى كِتٰابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ بِمٰا أَرٰاهُم مِنْ قُدْرَتِهِ ، وِخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ وَكَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ بِالْمُثلٰاتِ ، وَاحْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمٰاتِ.
قوله عليهالسلام : «فَبَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ بِالْحَقِّ» لقد اُمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بحمل الرسالة ، وتبليغ كلمة الله ، والدعوة إلى توحيده وعبادته ، وإصلاح البشريّة وإنقاذها من الكفر والظلم والفساد والخرافة. قال تعالى : «قُمْ فَأَنذِرْ» (٢) فانطلق مستجيباً لأمر الله يبشّر بدعوته ، ويدعو إلى سبيل ربّه فكان أوّل من دعاه وفاتحه بالدعوة وطلب منه التّصديق به زوجته خديجة بنت خويلد ، وإبن عمّه علي بن أبي طالب عليهالسلام الذي كان صبّياً في العاشرة من عمره المبارك ، فآمنّا به وصدّقاه ، ثم استمرّت الدعوة إلى أن فوجئ صلىاللهعليهوآله بنداء آخر من الله تعالى : «وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» (٣) فأخذ صلىاللهعليهوآله يبلّغ عشيرته.
وفي الحديث عن إبن عبّاس ، قال : صعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم الصفا ، فقال : يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش ، فقالوا : مالك؟
قال : أرأيتكم أن أخبرتكم أنّ العدو مصبحكم أو ممسيكم ما كنتم
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ص ٢٠٤ ، الخطبة ١٤٧.
٢ ـ المدثر : ٢.
٣ ـ الشعرا : ٢١٤.