إلٰهَك سنة ، فإن كان الذي جئت به خيراً ممّا بأيدينا قد شركناك فيه وأخذنا بحظّنا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيراً ممّا في يدك قد شركت في أمرنا وأخذت بحظّك ، فقال : معاذ الله أن أشرك به غيره ، فأنزل الله تعالى : «قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ» (١) (٢).
قوله عليهالسلام : «فَأَدّىٰ أَمِينًا» الأمين : فعيل من الأمانة ، فهو إمّا بمعنى مفعول : أي مأمون من أمنه ـ كعلمه ـ إذا إستأمنه ، أو بمعنى فاعل من أمن هو ككرم فهو أمين ، والمراد في الألواح ، وكمال إستعداد نفسه الطاهرة لأسرار الله وعلومه ، وحكمه ، وحفظه لها عن ضياعها ، وصيانتها عن تدنّسها بأذهان غير أهلها ، وعدم تطرّق تبديل أوزيادة أونقصان إليها.
بيد أنّ من شأن الأمين قوّته على ضبظ مايستأمن عليه ، وإستعداده له وحفظه وصيانته عن التلف والأدناس والتبديل والزيادة والنقصان ، ولهذا السرّ كانت العرب تسمّيه بالأمين قبل مبعثه لما شاهدوه من أمانته وشهّر بهذا الاسم قبل نبوّته ، وبعد بعثته أخبر عنه تعالى فقال : «إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ» (٣).
قوله عليهالسلام : «وَمَضىٰ رَشِيدًا» أي مضى إلى الحقّ رشيداً ، حيث أدّى ما كان عليه من قبل الله تعالى بجعل أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام وليّاً ووصيّاً من بعده كما جاء في الأخبار المستفيضة الصحيحة في ذيل الآية : «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ» (٤).
__________________
١ ـ الكافرون : ١ ـ ٦.
٢ ـ أسباب النزول : ص ٣٤٢.
٣ ـ الشعراء : ١٠٧ ، والدخان : ١٨.
٤ ـ المائدة : ٦٧.