يضعها على طريق المدنيّة والإستقامة السلوكيّة مبتدءً ، بمن حوله من العرب ، وممتدّاً برسالته العالميّة التي حملها من بعده اُمّته ، وبشّر بها الدعاة إلى الله سبحانه في كل مكان إلى عصرنا هذا وإلى هذا وصف سبحانه وتعالى رسالة نبيّه بقوله : «قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» (١)
قوله عليهالسلام : «يَحْيَوْنَ عَلىٰ فَتْرَةٍ» أي زمان إنقطاع الوحي بين عيسى عليهالسلام ونبيّنا محمّدصلىاللهعليهوآله الموجب للغفلة عن الربّ الذي خلق خلقهم ورزقهم.
قوله عليهالسلام : «وَيَمُوتُونَ عَلىٰ كَفْرَةٍ» لعدم هادٍ لهم ولكي يهتدون بهداء في تلك الفترة ، فيموتون على الكفر والضلال ولقد قال حسّان في النبيّ :
رسول أتانا بعد يأس وفترة |
|
من الرسل والأوثان في الأرض تعبد |
ولقد أوضح المؤرّخون وشرحوا لنا الوضعيّة الإجتماعيّة المنهارة آنذاك ، وصورة الإنحطاط والمعاملة الوحشية بين الناس.
وهكذا تتجسّد طبيعة ذلك المجتمع الجاهلي المتخلّف ، تلك الطبيعة التي وصفها جعفر بن أبي طالب صلىاللهعليهوآله في حديثه للنجاشي ملك حبشه بقوله : أيها الملك كنّا أهل جاهليّة نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ويأكل القوي منّا الضعيف. حتّى بعث الله إلينا رسولاً منّا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه. فدعانا لتوحيد الله وأن لا نشرك به شيئاً ، ونخلع ما كنّا نعبد من الأصنام.
__________________
١ ـ المائدة : ١٥ ـ ١٦.