قال : فأمر عليّ قيس بن سعد أن يجيبه في كتابه ، فكتب إليه قيس :
معاوي لا تعجل علينا معاويا |
|
فقد هجت بالرأي السّخيف الأفاعيا |
وحرّكت منّا كلّ شيء كرهته |
|
وأبقيت حزّات النفوس كما هيا |
بعثت بقرطاسين صفرين ضلّة |
|
إلى خير من يمشي بنعل وحافيا |
مضى أو بقي بعد النّبي محمد |
|
عليه سلام الله عودا وباديا |
ألا ليت شعري والأمانيّ ضلة |
|
على أي ما تنوي أردت الأمانيا |
على أن فينا للموارث مطمعا |
|
وأنّك متروك بشامك عاصيا |
أبى الله إلّا أن ذا غير كائن |
|
فدع عنك ما منّتك نفسك خاليا |
وأكثر وأقلل إنّ شامك شحمة |
|
يعجّلها طاه يبادر شاويا |
من العام أو من قابل كل كائن |
|
قريب وأبعد بالذي ليس جائيا |
حدث قيس قال : قال جرير لعبد الله بن رباح : إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«من لا يرحم الناس لا يرحمهالله» (١). فكتب معاوية : أن أرسل إلي جريرا على المربد (٢) فأتاه فقال : أنت سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : من لا يرحم الناس لا يرحمهالله؟ قال : نعم. قال : لا جرم لا أغزي جيشا وراء الدرب في شتاء أبدا. وبعث إليهم بطعام ولحف.
قيل إن جريرا تنقل من الكوفة إلى قرقيسياء (٣) وقال : لا أقيم ببلدة يشتم فيها عثمان (٤).
وتوفي في زمن معاوية بعد الخمسين ، يقال سنة إحدى وخمسين. وقيل : مات سنة أربع وخمسين (٥).
وكان (٦) سيّدا في قومه ، وبسط له رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثوبا ليجلس عليه وقت مبايعته له ،
__________________
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٢ / ٢٩٧ ـ ٢٩٨ من عدة طرق بسنده إلى قيس بن أبي حازم عن جرير.
(٢) المربد الموضع الذي تحبس فيه الإبل وغيرها.
(٣) قرقيسياء بلد على نهر الخابور ، عند مصب الخابور في الفرات (معجم البلدان).
(٤) رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٣٥٣ من طريق أحمد بن عبد الله بن البرقي ط دار الفكر. وانظر المعجم الكبير للطبراني ٢ / ٢٩٣.
(٥) انظر تهذيب الكمال ٣ / ٣٥٦ ط دار الفكر.
(٦) الخبر رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٣٥٣ من طريق أبي بكر الخطيب ط دار الفكر.