الأمان قصد حضرته فقال له : أنت القائل هذه الأبيات؟ قال : نعم. قال : أنشدنيها. فلما أنشده :
ولم أر قبل جذعك قطّ جذعا |
|
تمكّن من عناق المكرمات |
قام الصاحب فعانقه وقبل فاه ، وأنفذه إلى حضرة عضد الدولة. فلما مثل بين يديه قال له : ما الذي حملك على مرثية عدوّي؟ فقال : حقوق سلفت وأياد مضت ، فجاش الحزن في قلبي فرثيت ، فقال : هل يحضرك شيء في الشموع؟ ـ والشموع تزهر بين يديه ـ فأنشأ يقول (١) :
كأنّ الشموع وقد أظهرت |
|
من النّار في كلّ رأس سنانا |
أصابع أعدائك الخائفين |
|
تضرّع تطلب منك الأمانا |
فلما أنشده هذين البيتين خلع عليه ، وحمله على فرس وأعطاه بدرة (٢).
وكان جعفر هذا أديبا فاضلا ، وصدرا كاملا ، رثاه القاصّ أبو الحسن بن هندي بقصيدة غراء عدّتها ثلاثة وتسعون بيتا منها :
يا من كأنّ الدهر يعشق ذكره |
|
فلسانه من وصفه لا يفتر |
بأبي ثراك وما تضمنه الثّرى |
|
كلّ يموت وليس كلّ يذكر |
[٩٨٣٤] جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك
أبو الفضل البرمكي
وزير الرشيد هارون ، ولاه هارون دمشق وقدمها سنة ثمانين ومائة.
حدث عن أبيه يحيى بسنده إلى زيد بن ثابت كاتب الوحي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
«إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبين السّين فيه» [١٤١٦١].
__________________
(١) البيتان في وفيات الأعيان ٥ / ١٢٢ نقلا عن ابن عساكر.
(٢) البدرة كيس فيه ألف أو عشرة آلاف (انظر اللسان وتاج العروس : بدر).
[٩٨٣٤] انظر ترجمته وأخباره في تاريخ الطبري (الفهارس العامة) والعقد الفريد ٥ / ٥٣ وتاريخ بغداد ٧ / ١٥٢ والكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) وفيات الأعيان ١ / ٣٢٨ الوزراء والكتاب للجهشياري ٢٠٤ والوافي بالوفيات ١١ / ١٥٦ والفخري ص ٢٠٥ ـ ٢١٠ ومروج الذهب (الفهارس) المحبر ص ٤٨٧ وتاريخ خليفة (الفهارس) والنجوم الزاهرة ٢ / ١٢٣ والعبر ١ / ٢٩٨ وسير الأعلام ٩ / ٥٩ وشذرات الذهب ١ / ٣١١.