ولم أر قبل جذعك قطّ جذعا |
|
تمكنّ من عناق المكرمات |
أسأت إلى النوائب فاستثارت |
|
فأنت قتيل ثأر النّائبات |
وكنت تجير من صرف اللّيالي |
|
فعاد مطالبا لك بالتّرات |
وصيّر دهرك الإحسان فيه |
|
إلينا من عظيم السّيّئات |
ركبت مطية من قبل زيد (١) |
|
علاها في السنين الذاهبات |
وتلك فضيلة فيها تأسّ |
|
تباعد عنك أسباب الدنات (٢) |
وكنت لمعشر سعدا فلما |
|
مضيت تمزّقوا بالمنحسات |
غليلي (٣) باطن لك في فؤادي |
|
يخفّف بالدّموع الجاريات |
ولو أنّي قدرت على قيامي |
|
بفرضك (٤) والحقوق الواجبات |
ملأت الأرض من نظم المراثي (٥) |
|
ونحت بها خلاف النائحات |
ولكني أصبّر عنك نفسي |
|
مخافة أن أعدّ من الجناة |
ومالك تربة فأقول تسقى |
|
لأنّك نصب هطل الهاطلات |
عليك تحيّة الرحمن تترى |
|
برحمات روائح غاديات (٦) |
ولما أمر عضد الدولة بقتل الوزير محمد بن بقية وصلبه بمدينة السلام في سنة سبع [وستين](٧) وثلاث مائة كان له صديق يعرف بأبي الحسن (٨) الأنباري ، فرثاه بهذه الأبيات ، فكتبها ورمى بها في شوارع بغداد ، فتداولها الأدباء إلى أن اتصل الخبر بعضد الدولة ، فلما أنشدت بين يديه تمنى أن يكون هو المصلوب دونه ، فقال : عليّ بهذا الرجل فطلب سنة كاملة ، واتصل الخبر بالصاحب إسماعيل بن عباد بالري فكتب له الأمان. فلما سمع بذكر
__________________
(١) يعني زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (رض) ، لما قتل وصلب أيام هشام بن عبد الملك (انظر الكامل لابن الأثير ٥ / ٤٢٧).
(٢) وفيات الأعيان : تباعد عنك تعيير العداة.
(٣) وفيات الأعيان : غليل.
(٤) وفيات الأعيان : قيام لفرضك.
(٥) وفيات الأعيان : القوافي.
(٦) وفيات الأعيان : برحمات غواد رائحات.
(٧) سقطت من مختصر ابن منظور.
(٨) وكذا في وفيات الأعيان ، والذي في الكامل لابن الأثير والبداية والنهاية : أبي الحسين الأنباري.