عن خالد بن سعيد قال :
جاءت امرأة إلى يوسف بن عمر الثّقفيّ ، فقالت : إن ابنا لي يعقّني ، قال : ويفعل ذلك؟ قالت : نعم. فقال لحرسيين على رأسه : انطلقا معها حتى تأتيا به. فخرجا معها. فقيل للمرأة : ويحك! أهلكت ابنك ، إن الأمير يقتله. وندموا على ما فعلت. فلقيت عباديا أشقر أزرق ، فقالت للحرسيين : خذاه ، فإنه ابني! فأخذا بضبعيه (١) ، فقالا : يا عدو الله ، أجب الأمير ، قال : بأي جرم؟ قالا : تعقّ أمك ، قال : إنها ليست لي بأمّ ، فقالا : كذبت. وأدخلاه على يوسف ، فلمّا نظر إلي قال : شقّا عنه. وضربه مائة سوط ، ثم قال : لا تخرج بها إلّا على عنقك. فحمل المرأة على عنقه ، فخرج بها ، فلقيه عبادي آخر ، وهي على عنقه ، فقال : فلان ، ما هذه ويلك! قال : هذه أمي رزقنيها السلطان. وخشيت المرأة أن يفطن بها ، فنزلت ، وانسلّت ، ومضى العبادي بأسوإ ما يكون من الحال.
قال المدائني (٢) :
ثم قدم يوسف بن عمر على العراق ، فكان يطعم كل يوم على خمسمائة خوان (٣) ، وكانت مائدته وأقصى الموائد سواء ، يتعهد ذلك ويتفقّده (٤). وكان طعامه ألوانا وشواء ، وكانت فرنية (٥) وأزره ، فرأى يوما فرنية (٦) قد ذهب عنها السكر ، فقال سكر ، فلم يمكن ، فضرب صاحب الطعام ثلاثمائة سوط والناس يأكلون ، فكانوا بعد ذلك معهم خرائط فيها سكر مدقوق ، فكلما نفد سكر عن صحنه نثروا عليها.
وكان يغشى بعد العصر ، فيحضر الشامي والعراقي ، لا يردعه أحد (٧).
قال : وقال بشر بن عيسى : حدّثني أبي قال (٨) :
__________________
(١) الضبع : وسط العضد.
(٢) رواه الذهبي في تاريخ الإسلام (١٢١ ـ ١٤٠) ص ٣١٥ وسير أعلام النبلاء ٥ / ٤٤٣ ووفيات الأعيان ٧ / ١٠٨.
(٣) الخوان بالضم والكسر : ما يوضع عليه الطعام. وفي المصدرين السابقين : مائدة.
(٤) في تاريخ الإسلام : يتعمد ذلك وينوّعه.
(٥) كذا رسمها في مختصر أبي شامة «مرننه» بدون إعجام ، أعجمت عن وفيات الأعيان.
(٦) كذا رسمها في مختصر أبي شامة «مرننه» بدون إعجام ، أعجمت عن وفيات الأعيان.
(٧) رواه ابن خلكان في وفيات الأعيان ٧ / ١٠٨.
(٨) رواه الذهبي في تاريخ الإسلام (١٢١ ـ ١٤٠) ص ٣١٦ من طريق بشر بن عمر.