وأحبك حبا وأكرمك كرامة. ومثله في الدعاء لشخص : سقيا لك ورعيا ، أي سقاك الله سقيا ورعاك الله رعيا. وفي الدعاء عليه : جدعا له وكيا ، أي جدع الله أنفه وكواه. والجدع : قطع طرف الأنف. فهذه المصادر ونحوها منصوبة بأفعال مقدرة من جنسها تحفظ ولا يقاس عليها لعدم وجود ضابط كلي للحذف يعرف به لكن محل وجوب حذف عاملها عند استعمالها باللام كما مثلنا.
والثاني : في مواضع منها : أن يقع المصدر تفصيلا لعاقبة ما تقدمه نحو : (فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)(١) ، فمنا وفداء منصوبات بفعل محذوف وجوبا ، أي فإما تمنون منا وإما تفدون فداء. ومنها : أن يقع نائبا عن فعل أخبر به عن اسم عين وكان مع ذلك مكررا نحو : زيد سيرا سيرا ، أي يسير سيرا. أو محصورا نحو : إنما أنت سيرا.
(ومنه قد جاء الأمير ركضا |
|
واشتمل الصماء إذ توضأ) |
أي ومن المصدر الذي أضمر عامله نحو : قد جاء الأمير ركضا ، أي يركض ركضا وأقبل زيد سعيا وإنما فصله عما قبله للخلاف فيه. فذهب بعضهم إلى أنه مفعول مطلق لفعل مقدر من لفظه وإليه جنح الناظم. وذهب بعضهم إلى أنه حال على حذف مضاف ، أي ذا ركض وذا سعي. والذي عليه سيبويه وجمهور البصريين أن مثل ذلك منصوب على الحال على تأويله بالمشتق ، أي راكضا وساعيا وهو الأوجه. ومنه : (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً)(٢) ، (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً)(٣) ، (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً)(٤).
ووقوع المصدر المنكر موقع الحال كثير في كلامهم ومع كثرته لا يقاس عليه.
وأما قوله : اشتمل الصماء ، فهو من أمثلة ما ناب فيه صفة المصدر منابه ، والأصل : الشملة الصماء. ومثله : قعد القرفصاء ، وليس هو مما أضمر عامله كما هو ظاهر النظم ، واشتمال الصماء أن يدير الثوب على جسده من غير أن يخرج منه يده ويرفع طرفه على عاتقه الأيسر.
__________________
(١) سورة محمد ، الآية ٤.
(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٦٠.
(٣) سورة البقرة ، الآية ٢٧٤.
(٤) سورة الأعراف ، الآية ٦٥.