فقلت له إذا لا لوم على الإنكليز حيث يتمسكون بسياسة فرق تسد ، وبعبارة أخرى فرق تحكم فمصلحتهم تقضي عليهم باتباع تلك الطريقة التي أوصلتهم إلى السيطرة على كثير من الأمم ، وإنما اللوم علينا نحن العرب. فقال إن المنافقين كانوا موجودين في زمن صاحب الرسالة صلىاللهعليهوسلم فكيف بهذا الزمان. قلت ليس هذا بعذر مقبول ، كيف لا والله يقول : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(١) فيجب على الفضلاء أمثالهم أن يقوموا بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح بين الناس والسعي الحثيث في جمع كلمة الزعماء والأمراء والملوك عسى الله أن ينقذ هذه الأمة من حضيض الذل إلى سماء العز والمنعة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ)(٢). فقال هذا حق أسأله تعالى أن يوفقنا وإياكم لجمع كلمة الإسلام وإعلاء كلمة الله بين الأنام ، ثم إنه بعد رجوعي إلى العراق سالما إن شاء الله تعالى سأجتهد للسير على طريقتكم المثلى ، لعل الله يغير هذه الحال بأحسن منها. فقلت : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب» وإلى هنا انتهى الحديث بيني وبين الفاضل المشار إليه ثم ذهب كل منا إلى حال سبيله.
__________________
(٤٥) سورة آل عمران ، الآية ١٦.
(٤٦) سورة محمد ، الآية ٧.