عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)(١) ، والدخان لم يتحقق فيه وصف من هذه الأوصاف ، فهو لم يوقع بين شاربيه ولا غيرهم العداوة والبغضاء ولم يصد شاربيه عن ذكر الله ولا عن الصلاة ، بل في شاربيه العلماء والصالحون ، والقول بتحريمه قد أوقع بين المسلمين من العداوة والبغضاء أكثر من شربه ، وأما كونه من الخبائث فهذا غير متفق عليه ، وشاربوه لا يعدونه كذلك ، على أنه لو ثبت خبثه فما كل خبيث محرم ، وقد ورد أن البصل والثوم شجرتان خبيثتان ، ولم يقل بتحريمهما أحد ، فتبين أن الخبائث المحرمة هي المنصوص عليها في مثل قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ)(٢) الآية. قلت له : ولو سلّمنا جدلا أن الدخان محرم كالخمر لكان لك في تحريم الخمر في كتاب الله عزوجل ما يدعو إلى حسن الأسوة ، والخمر قد ورد النهي عن شربه تدريجا ، فنهي الناس عنه أولا إذا أرادوا الصلاة ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ)(٣) ثم جاء التذكير بمضارّه في قوله : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
__________________
(٤) سورة المائدة ، الآية ٩١.
(٥) سورة المائدة ، الآية ٣.
(٦) سورة النساء ، الآية ٤٤.