تقديم
لسنا في حاجة إلى تبيان خصائص أدب الرحلات ، لأن ما كتب عن هذا الصنف من الأدب كثير كثير ، ولكننا نود أن نشير إلى أن الرحلات إلى أرض الحجاز جد كثيرة ، والباعث عليها أداء فريضة الحج. ولكن القليل من هذه الرحلات تم لأسباب أخرى ، مثل الرحلة التي قام بها علّامة الشام الكبير محمد بهجة البيطار عام ١٩٢٠ م ، والذي زار الحجاز ومشارف نجد بمهمة وطنية سياسية لمقابلة العاهل السعودي الأمير عبد العزيز آل سعود [آنذاك] وتبليغه رسالتين : الأولى من المصلح الإسلامي الكبير محمد رشيد رضا ، والثانية من الأمير فيصل بن الحسين حاكم الشام آنذاك ، حول توحيد كلمة العرب والمسلمين لمواجهة المخاطر الخارجية. وقد صادفت الشيخ البيطار مشاق جمة وصفها في رحلته ، وهي صعوبات تتعلق بانفلات الأمن على طريق الحاج ، وتحكم روح الغزو ومنطق السلب والنهب بالكثير من الأعراب.
وهذا الوصف الذي قدمه الشيخ محمد بهجة البيطار كان آخر العهد بهذه الفوضى التي نشبت في جزيرة العرب منذ مطالع العهد العثماني ، عند ما نزعت السلطنة في الأستانة من أيدي زعامات العرب التقليدية جميع الامتيازات التي منحتها دولة المماليك لهم ، إذ كانوا في دولة المماليك أصحاب سلطة فعلية وألقاب شريفة ومخصصات معتبرة ، ولذلك كان الأمن