مبسوطا في ربوع الجزيرة بما فيها بادية الشام ، وكان طريق الحاج آمنا من تعديات المتعدين ، ولكن السلطنة العثمانية بنزعتها المركزية ، وبعدم تقديرها لطبيعة أهل البادية وخصوصيتهم ، ومحاولاتها المستمرة لتحطيم البنى التقليدية للزعامات التاريخية ، التي تحتل في نفوس أهل البادية معان كبيرة ، ساهمت من حيث تدري أو لا تدري بخلق حالة الفوضى التي استمرت عدة قرون ، ولم يقيض لها أن تنتهي إلا في الثلث الأول من القرن العشرين ، في عهد الملك عبد العزيز آل سعود ، عند ما بسطت الدولة السعودية نفوذها على نجد والحجاز.
ولذلك شكلت هذه التجربة مصدر سعادة للكثير من العرب ، وخصوصا في بلاد الشام ، الذين كانوا في ذلك الزمن أي في عشرينيات القرن العشرين ، يتطلعون إلى بناء كيان عربي مستقل يشمل فيما يشمله الجزيرة العربية والهلال الخصيب ، حيث كانت أنظار الزعامات الوطنية والدينية ترنو إلى جزيرة العرب ، منتظرة أن يكون زعيم العرب أجمعين من هذه البلاد الشريفة ، ولم يكن مستغربا أن ينظر الكثيرون إلى الملك عبد العزيز آل سعود كمعقد أمل ورجاء في زمن تكالبت فيه المطامع الغربية على المنطقة العربية ، وهذا ما نلمسه بشكل واضح وجلي في الرحلة الثانية التي يضمها هذا الكتاب ، وهي رحلة الشيخ محمد سعود العوري قاضي القدس الشريف ، الذي حج إلى الأراضي المقدسة في الحجاز عام